قالوا: ونحن أخذنا به جميعه، ولم نخالف شيئًا منه؛ إذ كان صحيحًا صريحًا، لا مطعن فيه، ولا معارض له، فمن خالفه فهو محتاج إلى الاعتذار.
وقد جاء هذا الحديث بخمسة ألفاظ: طلقها ثلاثًا، وطلقها البتة، وطلقها آخر ثلاث تطليقات، وأرسل إليها بتطليقة كانت بقيت لها، وطلقها ثلاثًا جميعًا. هذه جملة ألفاظ الحديث، وبالله التوفيق.
فأما اللفظ الخامس وهو قوله:«طلقها ثلاثًا»، فهذا أولاً من حديث مُجالد عن الشعبي، ولم يقل ذلك عن الشعبي غيره، مع كثرة من روى هذه القصة عن الشعبي، فتفرَّد مُجالد (١) على ضَعْفه من بينهم بقوله: ثلاثًا جميعًا.
وعلى تقدير صحته: فالمراد به أنه اجتمع لها التطليقات الثلاث، لا أنها وقعت بكلمة واحدة، فإذا طلقها آخر ثلاث صحَّ أن يقال: طلقها ثلاثًا جميعًا؛ فإن هذه اللفظة يراد بها تأكيد العدد، وهو الأغلب عليها، لا الاجتماع في الآن الواحد، كقوله تعالى:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا}[يونس: ٩٩]، فالمراد حصول الإيمان من الجميع، لا إيمانهم كلِّهم في آنٍ واحد سابِقِهم ولاحِقِهم.