تفريق الحَكَمين بين الزوجين عند من يجعلهما وكيلين، وهو الصواب، وكما في وقوع الطلاق بالمُولِي إذا لم يَفِئْ في مدة التربّص عند كثير من السلف والخلف.
وكما قال بعض السلف ووافقهم عليه بعض أصحاب أحمد رحمه الله: أنهما إذا تطاوعا على الإتيان في الدّبر فُرِّق بينهما.
وقريب من ذلك: أن الأب الصالح إذا أمر ابنه بالطلاق لما يراه من مصلحة الولد، فعليه أن يطيعه، كما قاله أحمد رحمه الله وغيره. واحتجوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عبد الله بن عمر أن يطيع أباه، لمّا أمره بطلاق زوجته (١).
فالإلزام إما من الشارع وإما من الإمام بالفرقة، إذا لم يَقُمِ الزوج بالواجب: هو من موارد الاجتهاد.
وأصل هذا أن الله سبحانه وتعالى لما كان يُبْغِض الطلاق، لما فيه من كسْرِ الزوجة، وموافقة رضا عَدُوِّه إبليس، حيث يفرحُ بذلك، ويلتزمُ مَنْ يكون على يديه من أولاده، ويُدنيه منه، ومُفارقة طاعته بالنكاح الذي هو واجبٌ أو مستحب، وتعريض كلٍّ من الزوجين للفجور والمعصية، وغير ذلك من مفاسد الطلاق، وكان مع ذلك قد يحتاج إليه الزوج أو الزوجة، وتكون المصلحة فيه= شَرعه على وجْهٍ تحصلُ به المصلحة، وتَنْدفع به
(١) رواه الطيالسي (١٨٢٢)، وأحمد (٢/ ٢٠، ٤٢، ٥٣، ١٥٧)، وعبد بن حميد (٨٣٥)، وأبو داود (٥١٤٠)، والترمذي (١١٨٩)، وابن ماجه (٢٠٨٨)، وغيرهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح»، وصححه ابن حبان (٤٢٧)، والحاكم (٢٧٩٨)، وحسنه البغوي في شرح السنة (٢٣٤٨)، والألباني في السلسلة الصحيحة (٩١٩).