للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جالسًا (١): سدًّا لذريعة التشبُّه بفارس والروم في قيامهم على ملوكهم وهم قعود.

ومن ذلك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع الرجل من أخذ نظير حقه بصورة الخيانة ممَّن خان، وجَحْدِ حقِّه، وإن كان إنما يأخذ حقه أو دونه، فقال لمن سأله عن ذلك: «أدِّ الأمانة إلى مَن ائْتَمَنك، ولا تخنْ من خانك» (٢)؛ لأن ذلك ذريعة إلى إساءة الظن به، ونسبته إلى الخيانة، ولا يمكنه أن يحتج عن نفسه، ويقيم عذره، مع أن ذلك أيضًا ذريعةٌ إلى أن لا يقتصر على قدْر الحقِّ وصفته؛ فإن النفوس لا تقتصر في الاستيفاء غالبًا على قدر الحق.

ومن ذلك: أنه سلّط الشريك على انتزاع الشِّقْص المشفوع من يد المشتري: سدًّا لذريعة المفسدة الناشئة من الشركة، والمخالطة بحسْب الإمكان، وقبل البيع ليس أحدُهما أولى بانتزاع نصيب شريكه من الآخر، فإذا رغبَ عنه وعَرَضه للبيع كان شريكه أحقّ به، لما فيه من إزالة الضرر عنه، وعدم تضرره هو؛ فإنه يأخذه بالثمن الذي يأخذه به الأجنبي.

ولهذا كان الحق أنه لا يَحِلّ الاحتيال لإسقاط الشُّفعة، ولا تسقط بالاحتيال؛ فإن الاحتيال على إسقاطها يعود على الحكمة التي شُرعت لها بالنقض والإبطال.

ومن ذلك: أنه لا تُقبل شهادة العدو ولا الظَّنِين في تُهمة أو قرابة، ولا الشريك فيما هو شريك فيه، ولا الوصي فيما هو وصيٌّ فيه، ولا الولد على


(١) أخرجه البخاري (٦٨٩)، ومسلم (٤١١) عن أنس. وفي الباب أحاديث أخرى.
(٢) سيأتي تخريجه.