للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المساكين، ونهاه أن يأكل منه هو أو أحد من أهل رُفْقته (١)، قالوا: لأنه لو جاز له أن يأكل منه أو أحد من رفقته قبل بلوغ المحِلِّ، فربّما دعته نفسه إلى أن يُقَصِّر في عَلَفِه وحِفْظِه، حتى يُشارِف العَطَب، فيَنْحَره. فسَدّ الشارعُ الذريعة، ومنعه ورُفقتَه من الأكل منه.

ومن ذلك: نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الذرائع التي توجب الاختلاف والتفرّق، والعداوة والبغضاء، كخِطْبة الرجل على خِطْبة أخيه، وسَوْمه على سومه، وبَيْعِه على بيعه، وسؤال المرأة طلاقَ ضَرَّتها (٢)، وقال: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخِر منهما» (٣)؛ سدًا لذريعة الفتنة والفُرْقة.

ونهى عن قتال الأمراء، والخروج على الأئمة وإن ظلموا وجاروا، ما أقاموا الصلاة (٤): سدًا لذريعة الفساد العظيم، والشرِّ الكبير بقتالهم، كما هو الواقع؛ فإنه حصل بسبب قتالهم والخروج عليهم من الشرور أضعافُ أضعاف ما هم عليه، والأمّة في بقايا تلك الشرور إلى الآن.

ومن ذلك: أن الشروط المضرُوبَة على أهل الذمة تضمّنت تمييزهم عن المسلمين في اللباس، والشعور، والمراكب، والمجالس: لئلا تُفْضي مشابهتهم للمسلمين في ذلك إلى معاملتهم معاملة المسلمين في الإكرام والاحترام، ففي إلزامهم بتميُّزهم عنهم سدٌّ لهذه الذريعة.


(١) أخرجه مسلم (١٣٢٦) عن ذؤيب الخزاعي.
(٢) أخرجه البخاري (٢١٤٠)، ومسلم (١٤١٣) عن أبي هريرة.
(٣) أخرجه مسلم (١٨٥٣) عن أبي سعيد الخدري.
(٤) أخرجه مسلم (١٨٥٤) عن أم سلمة.