للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأُحضر الثوري (١) إلى مجلس المهدي، فأراد أن يقومَ، فَمُنعَ، فحلف بالله أنه يعود، فترك نعله وخرج، ثم رجع فلبسها، ولم يَعُدْ، فقال المهدي: ألم يحلف أنه يعود؟ فقالوا: إنه عاد فأخذ نعله.

قالوا: وليس مذهب من مذاهب الأئمة المتبوعين إلا وقد تضمَّن كثيرًا من مسائل الحيل.

فأبعدُ الناس عن القول بها: مالك، وأحمد.

وقد سُئل أحمد عن المروذي وهو عنده، ولم يرد أن يخرج إلى السائل، فوضع أحمدُ إصبعه في كفّه، وقال: ليس المروذي هاهنا، وماذا يصنع المروذي هاهنا؟

وقد سُئل أحمدُ عن رجل حلف بالطلاق ليَطأنّ امرأته في نهار رمضان، فقال: يُسافر بها ويطؤها في السفر.

وقال صاحب «المستوعب» (٢): وجدت بخط شيخنا أبي حكيم: حُكي أن رجلًا سأل أحمدَ عن رجل حلف أن لا يُفْطر في رمضان، فقال له: اذهب إلى بشر بن الوليد، فسَلْه ثم ائتني فأخبرني، فذهب فسأله، فقال له بشرٌ: إذا أفطر أهلك فاقعد معهم ولا تفطر، فإذا كان السَّحر فكلْ، واحتج بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هلمّ إلى الغداء المبارك» (٣)، فاستحسنه أحمد.


(١) ذكره العجلي في الثقات (١/ ٤١٢)، وعن العجلي رواه الخطيب في تاريخ بغداد (٩/ ١٦٠).
(٢) طُبع منه أربع مجلدات خاصة بالعبادات، ولم أجد النص فيها.
(٣) رواه ابن أبي شيبة (٢/ ٢٧٥)، وأحمد (٤/ ١٢٦، ١٢٧)، وأبو داود (٢٣٤٦)، والنسائي (٢١٦٢)، والطحاوي في شرح المشكل (٥٥٠٣)، والطبراني في الكبير (١٨/ ٢٥١)، وغيرهم من طريق يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبي رهم عن العرباض بن سارية، وأعلّه البزار، وابن القطان في بيان الوهم والإيهام (١٨٠٥)، والمنذري في الترغيب (٢/ ٨٩)، والذهبي في الميزان (٢/ ١٦٨)، وقال النووي في المجموع (٦/ ٣٦١): «في إسناده نظر»، لكن شواهده كثيرة، وقد صحّحه ابن خزيمة (١٩٣٨)، وابن حبان (٣٤٦٥)، وهو في صحيح سنن أبي داود (٢٠٣٠)، وفي الباب عن عمر وأبي الدرداء وعتبة بن عبد وابن عمر وأنس والمقدام بن معد يكرب وعائشة وشيبان بن مالك وعن ضمرة والمهاجر ابني حبيب مرسلًا. وانظر: السلسلة الصحيحة (٢٩٨٣، ٣٤٠٨).