للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبمنزلة الاستدلال بقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ... } [النساء: ٣] على حِلِّ (١) كل نكاح اختلف فيه، فيستدل به على صحة نكاح المتعة، والمحلل، والشغار، والنكاح بلا ولي وبلا شهود، ونكاح الأخت في عدة أختها، ونكاح الزانية، والنكاح المنفيِّ فيه المهرُ، وغير ذلك.

وهذا كله استدلال فاسد في النظر والمناظرة.

ومن العجب أن يُنْكِر مَنْ يسلكه على ابن حَزم استدلاله بقوله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣] على وجوب نفقة الزوجة على زوجها إذا أعسر بالنفقة، وكان لها ما تنفق منه، فإنها وارثة له.

وهذا أصح من تلك الاستدلالات؛ فإنه استدلال بعام لفظًا ومعنى قد عُلّق الحكم فيه بمعنى مقصود يقتضي العموم، وتلك مطلقة لا عموم فيها لفظًا ولا معنى، ولم يقصد بها تلك الصور التي [١١٣ أ] استدلُّوا بها عليها.

إذا عُرف هذا فالاستدلال بقوله: «بعِ الجَمْع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جَنيبًا» لا يدلّ على جواز بيع العِينة بوجه من الوجوه، فمن احتج به على جوازه وصحته فاحتجاجه باطل.

وليس الغالب أن بائع التمر بدراهم يبتاع بها من المشتري، حتى يقال: هذه الصورة غالبة، بل الغالب أنّ من يفعل ذلك يعرضه على أهل السوق عامة، أو حيث يقصد، أو ينادي عليه، وإذا باعه لواحد منهم فقد تكون عنده السلعة التي يريدها، وقد لا تكون.

ومثل هذا: إذا قال الرجل فيه لوكيله: بع هذا القطن، واشترِ بثمنه ثياب


(١) «حل» ساقطة من م.