للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبيَّن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنهم مع كمال تنعُّمهم بما أعطاهم ربهم في الجنة، لم يُعِطهم شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إليه، وإنما كان ذلك أحبَّ إليهم؛ لأن ما يحصل لهم به ــ من اللذة والنعيم والفرح والسرور وقرة العين ــ فوق ما يحصل لهم من اللذّة والنعيم (١) والتمتع بالأكل والشرب والحُور العين، ولا نسبة بين اللذتين والنعيمين البتة.

ولهذا قال سبحانه في حق الكفار: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ} [المطففين: ١٥، ١٦]، فجمع عليهم نوعي العذاب: عذاب النار، وعذاب الحجاب عنه سبحانه، كما جمع لأوليائه نوعي النعيم: نعيم التمتع بما في الجنة، ونعيم التمتع برؤيته، وذكر سبحانه هذه الأنواع الأربعة في هذه السورة، فقال في حق الأبرار: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} [المطففين: ٢٢، ٢٣].

وهضمَ معنى الآية من قال: ينظرون إلى أعدائهم يُعذَّبون، أو ينظرون إلى قصورهم وبساتينهم، أو ينظر بعضهم إلى بعض. وكل هذا عُدول عن المقصود إلى غيره، وإنما المعنى ينظرون إلى وجه ربهم، ضدَّ حال الكفار الذين هم عن ربهم محجوبون، {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ} [المطففين: ١٦].


(١) «اللذة والنعيم» ساقطة من الأصل.