الْقُرَشِيُّ الْهَاشِمِيُّ، نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ عِمَارَةَ، عَنْ أَبِيهِ عِمَارَةَ بْنِ حَزْنِ بْنِ شَيْطَانٍ، قَالَ: كَانَتْ لَنَا حَرَّةٌ يُقَالُ لَهَا: الْحَدَثَانِ، وَكَانَ إِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَهِيَ نَارٌ تَشْتَعِلُ، وَإِذَا كَانَ النَّهَارُ فَهِيَ دُخَانٌ يَسْطَعُ، وَكَانَتْ طَيِّئٌ تَغْشَى إِبِلَهَا بِضَوْءِ تِلْكَ النَّارِ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِ لَيَالٍ، فَأَتَانَا خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ مِنْ مُرَيْطَةَ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنِي أَنْ أُطْفِئَ عَنْكُمُ هَذِهِ النَّارَ، فَلْيَقُمْ مَعِي مِنْكُمْ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ، فَقَامَ مَعَهُ عَشْرَةُ رِجَالٍ كُنْتُ أَنَا أَحَدَهُمْ حَتَّى أَتَى الْقَلِيبَ، فَخَرَجَ مِنْهُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ، ثُمَّ اسْتَدَارَ عَلَيْنَا حَتَّى صِرْنَا فِي مِثْلِ كِفَّةِ الْمِيزَانِ، فَجَعَلْنَا نَتَّقِيهَا بِالْعِصِيِّ حَتَّى احْتَرَقَتْ، ثُمَّ بِالنِّعَالِ حَتَّى احْتَرَقَتْ، ثُمَّ بِالْعَمَائِمِ حَتَّى احْتَرَقَتْ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا خَالِدُ، أَيْ أَهْلَكْتَنَا، قَالَ: لا، إِنَّهَا مَأْمُورَةٌ، وَإِنِّي مَأْمُورٌ، ثُمَّ جَعَلَ يَضْرِبُهَا بِعَصَاهُ، وَهُوَ يَقُولُ: بُدَّا، بُدَّا، كُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ هُوَ مُؤَدَّى، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ الأَعْلَى، فَلَمْ يَزَلْ يَضْرِبُهَا حَتَّى رَدَّهَا إِلَى الْقَلِيبِ، ثُمَّ انْقَذَمَ خَلْفَهَا وَعَلَيْهِ قَمِيصَانِ لَهُ أَبْيَضَانِ،
فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا، فَقَالَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ: لا يَخْرُجُ مِنْهَا أَبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا وَقَمِيصَاهُ يَنْطُفَانِ عَرَقًا، وَهُوَ يَقُولُ: بُدَّا، بُدَّا، كُلُّ حَقٍّ هُوَ لِلَّهِ مُؤَدَّى، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ الأَعْلَى، زَعَمَ ابْنُ رَاعِيَةَ الْمِعْزَى أَنِّي لا أَخْرُجُ مِنْهَا أَبَدًا، قَالَ: فَأَهْلُ ذَلِكَ الْبَيْتِ يُدْعَوْنَ ابْنُ رَاعِيَةَ الْمِعْزَى إِلَى الْيَوْمِ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا خَالِدُ، مَا الَّذِي رَأَيْتُ؟، قَالَ: رَأَيْتُ أُخْرَى تُحِشُّهَا فَشَدَخْتُهُنَّ، وَقَدْ طَفَّأْتُهَا عَنْكُمْ، وَكَانَتْ تَضُرُّنَا فِي الْكَلَأِ وَالْمَرْعَى، قَالَ: وَكَانَ مِنْ أَعَاجِيبِهِ، أَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: امْضُوا مَعِي، فَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى مَكَانًا مِنَ الأَرْضِ، فَقَالَ: احْفِرُوا، فَاحْتَفَرُوا، فَأَبْدَى عَنْ صَخْرَةٍ فِيهَا كِتَابٌ قَدْ زُبِرَ زَبْرًا، حَفْرًا، حَفْرًا، اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَاحْتَمَلْنَاهَا، فَكَانَتْ إِذَا نَزَلَتْ بِنَا شِدَّةٌ أَبْدَانَا عَنْهَا فَتُكْشَفُ عَنَّا، وَكُنَّا إِذَا قَحَطَ الْمَطَرُ جَلَّلَهَا ثَوْبًا ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي وَيَدْعُو، فَنُمْطَرُ، حَتَّى إِذَا رَوِينَا كَشَفَ الثَّوْبَ فَيُمْسِكُ الْمَطَرُ، وَكَانَ مِنْ أَعَاجِيبِهِ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي حَامِلٌ بِغُلامٍ، وَاسْمُهُ مُرَّةَ، وَهُوَ أُحَيْمَرُ كَالذَّرَّةِ، وَلَنْ يُصِيبَ الْمَوْلَى مَعَهُ تَضِرَّةَ، وَلَنْ تَرَوْا مَا دَامَ فِيكُمْ مَعَرَّةٌ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي مَيِّتٌ إِلَى سَبْعٍ فَادْفِنُونِي إِلَى هَذِهِ الأَكِمَّةِ، ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute