ثم إن الشيوخ تفرقوا بجنودهم فسار الشيخ حمير بجنوده إلى (سمائم السفلى) وسار الشيخ عيسى إلى بلد (سرور) فبايعه أهلها. وسار الإمام ومعه الشيخ عبد الله إلى سمائم العليا محاصرين السيد ناذراً. ثم إنهم لما لم يروا نتيجة أتعاب محاصرتهم حفروا سرباً أو نفقاً تحت الأرض على بعد ربع ساعة (كذا ولعل في هذه الرواية غلواً عظيماً ولا سيما لأن الأرض هناك ذات حجارة صلبة سوداء تكاد تكون كالحرة) ينتهي إلى القلعة ونسفوا بالبارود شيئاً يسيراً من الحصن ولم يصب أحد بضرر لا من المحاصرين ولا من المحاصرين لكن لما أعادوا الكرة وأخذوا ينسفون الحصن للمرة الثانية رجع مفعول البارود على جند الإمام وأهلك من قومه نفوساً كثيرة.
أما الشيخ عيسى فإنه أوغل في البلاد وبايعه أهلها وما زال يمعن فيها حتى وصل إلى بلد (فنكا) فأرسل السيد فيصل عليه جيشاً جراراً وعند وصوله إلى بلد (الخوث) رجع على أعقابه وذهب إلى بلاد (السيب) بدون أن يرى العدو بل علم أن العدو قد احتل (الخوث) قبل أن يصل إليه وبايعه أهله فحقق سعي جيش السيد فيصل - وأما جيش الإمام الذي كان قد احتل (الرستاق) فإنه تجاوزه وأمعن في البلاد حتى دخل (العوابي) وفيها أبناء السيد فيصل وهما حمود وحمد ومعهما السيد (هلال) والي (بركة) فلما رأوا صولة العدو فروا هاربين من القتل فأخذها الإمام وأخرج منها العسكر الموجود فيها وامتلك الأسلحة المذخرة هناك وباعها للعشائر.
استمرت هذه المحاربة نحو أربعين يوماً. . وفي الآخر رأى السيد فيصل أن لا طاقة له على مقابلة العدو فأستنجد بالإنكليز فأمدوه بست بوارج هائلة وبخمسمائة جندي. واعديه أن يساعدوه في كل ما يطلب وأن لا يبعدوا في البر أكثر من مسافة ساعة. وقد احتلت الجنود الإنكليزية بعض القلاع واخذوا يقاومون العدو أشد المقاومة وأصبحوا أصحاب الأمر والنهي في عمان.
ولما قرت قدم الإنكليز في مسقط وفي سائر ديار عمان وأصبحوا فيها أصحاب الأمر والنهي نشروا فيها أجنحة الأمن والراحة والسكون. حتى أن أحد تلك الأرجاء كتب إلى جريدة الدستور البصرية (أن السكينة قد عادت إلى ربوعها بعد أن أتخذ الإنكليز جميع وسائل الحرب لصد العدو عن مهاجمتها لا بل شرعوا المذاكرة في أمور الصلح بينهم وبين الإمام الأباضي) فتبارك مالك الملك الذي يؤتى الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء.