للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكون الخراب السريع الأكيد اليقين، وما يقال في البيت المادي يقال في البيت الاجتماعي، الذي تضم حيطانه سكانه، وأساس البيت الاجتماعي هو المرأة؛ فحيثما ترى المرأة كاملة عدة النفس وهي الفضائل الصادقة، والعلوم المرقية، والآداب الطاهرة، وخدمة المنزل بدون وناء وفتور، تحكم إن هناك العمران الحقيقي والحضارة المنشودة. وقد ترى المرأة مزودة بعدة النفس إلا أنه لا يرى هناك ما أشرنا إليه من أمر هذه الحقيقة؛ والسبب هو حالة المربي الموجودة هي فيه، كما أنك لو أقمت داراً عامرة أو قصراً مشيداً في وسط فلاة لا ماء فيها، ولا نبات يوشيها، فإن ذلك المعهد قد يستقيم أعواماً مديدة، إلا أنه يبقى خالياً من كل ساكن لوجوده في موطن لا يعيش فيه حي ولا يأنس فيه أنيس.

وهذا الذي نقوله يؤيده الواقع في المرأة الكردية الحالية التي تختلف بيئتها عن بيئة سائر الناس ولا سيما عن نساء العرب. فالمرأة الكردية لا تحتجب كالعربية أو كالإعرابية قطعاً، بل تطوي بساط أيامها في مقامها الطبيعي حرة العمل والتصرف هادئة الضمير والوجدان تذب عن حقوقها على حد ما يذب عنها الرجل الكردي بدون فرق. وهي ترافق زوجها مدى العمر إذا راعى حقوق الزوجية. وتفارقه أو تهجره إذا أصر على هضم تلك الحقوق أو انتهاكها ولهذا زوجها يوافقها قلباً وقالباً ولا يتعدى عليها إلا في النادر. تراها تشاطر الرجل (سواء كان أخاً أو أباً أو زوجاً أو قريباً) في أمر المعاش وتخفف عنه أعباء

المتاعب والمصاعب بكمال النشاط والهمة وتبعث في نفسه دواعي الشجاعة وتسليه في حالتي السراء والضراء، الرجاء واليأس. - تعنى بتربية الأولاد من بنين وبنات أشد العناية ولا تفرق تربية البنين من تربية البنات، إلا أنها تراعي حقوق المكان والزمان وتعودهم الأشغال الشاقة منذ نعومة أظفارهم وتناسب بين شغل وشغل مناسبة لشق وشق - تقوم بإدارة البيت وتستقبل الأقرباء والأحباء والضيوف بذيل طاهر، وطرف قاصر، وجفن ساهر، وقلب سليم، وعقل قوي، كل ذلك حضر زوجها أو غاب، حياً كان أو ميتاً - تصغي للرجل والرجل يصغي إليها في تجاذب أطراف ما يجب عمله أو إهماله حفظاً لحياة الأسرة أو تسهيلاً لقضاء حاجياتها لأنها تشاهد وترى كل ما يجري في بيتها وتعرف جميع أحوال الذي تعيش فيه فتطابق حالتها عليه ولا تفرق عن الرجل في

<<  <  ج: ص:  >  >>