للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الانتباه إلى ما يجب عمله وتركه. اللهم إلا في الأمور التي لم يكن لها فيها ناقة ولا جمل، أو جرت بعيدة عنها على غير مرأى ومسمع منها - المرأة الكردية الشريفة الكبيرة العريقة النسب تقوم مقام الرجل في المعاملات: في اكرآء الدور والبساتين والخضر والحوانيت والخانات وتفجير العيون وتعمير الأرضين وأغلال الضيع بل تشارك الرجال في وظائف الحكومة المودعة لزوجها أو لأحد أقربائها وأنسابها وإن كان هذا الأمر نادراً. رأيت امرأة أحد قوام المقامات في كردستان واسمها (خانم) تدير شؤون القضاء فيراجعها المتوظفون في كل الأمور المتعلقة بالإمارة. وشاهدت امرأة أحد القضاة واسمها (آمة) (أي أمينة) تجمع الحرس وتجول بهم في الأزقة من الصباح إلى المساء أو بالعكس لحفظ البلدة من سطوة اللصوص وهجمات الأشقياء.

والمرأة الرحالة الكردية تمتطي الجواد كالرجل إذا أرادت السفر وتتسلح بالأسلحة المألوفة وتستعملها إذا اقتضت الحال، لركوب الأهوال - صادفت امرأة من عشيرة الشوان اسمها (كوخا نركس) قتل الهماوند أخاها فتزيت بزي الرجال وتسلحت وتنكبت بندقية وشكت في منطقتها مسدساً وامتطت جوادها وما زالت على متن فرسها حتى أخذت به وثأرت أخاها - والمرأة القروية تقطع المسافات البعيدة وتأتي المدن للبيع والشراء وهي تسعى سعياً حثيثاً على رجليها سواء كانت وحدها أم لا وقد تجلببت بالعزم والحزم وتحجبت بالمناعة والعفاف: رأيت في سفري إلى بعض ديار كردستان امرأة راجلة كانت تتبع قافلتها بجد

وسعي وكانت حبلى. وفي أثناء السير تأخرت عنا زمناً. ثم لما نزلنا على ماء لنتناول الغذاء إذا بالمرأة قد أدركتنا وبين ذراعيها وليد تباغمه، ولما ظعنا نهضت معنا وهي تجد في السير كالسابق فعلمنا أنها تأخرت لوضع الحمل. ولم يعقها عائق لا الحبل ولا الطلق ولا النفاس فقلت نعمت المرأة ولتكن النساء على هذا المثال من الجد والعناء، جاهلات الحمول والوناء. على أن المرأة المدنية لا تضاهي الكردية القروية في جميع الأمور لتغير أسباب المعيشة والبيئة والمربى.

٢ - الرجل الكردي

يمتاز الرجل الكردي بكونه يعود نفسه الأشغال الشاقة منذ صغر سنه ويرو جسمه رياضة دونها كل رياضة لأنه يكافح الموانع الطبيعية بقلب قد من

<<  <  ج: ص:  >  >>