للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والنزهة حول المقابر أو المزارات المشهورة النازحة عن البلد أو القرية فيتقاطر هناك الألوف والألوف من إناث وذكور على اختلاف أعمارهم وطبقات مهنهم وأشغالهم ويبدأ الغناء والرقص فيبتسم الفضاء لهذا المشهد ومن ينظر إليه يبصر كتلة عظيمة حية تتموج بأنواع الألوان والحلي والثياب على بساط أخضر بديع الحسن وشته محاسن أيدي الطبيعة فانبتت فيه الأزهار المتارجة والرياحين العطرة والحشائش الربعية والأنبتة النضرة تحي النفوس وتزيد فيها السرور وتميت الحسود وتزيد فيه الحزن وأما الزيارات فإنها شائعة عندهم يلاقي فيها الرجال المرأة فيتسالمان ويتخاطبان ويتفاوضان ويتواعدان بكمال الحرية ولا يستثنى من هذه الأحوال المألوفة إلا بعض مقلدي المجاورين، مع إنك لو أنعمت النظر في ما يجري في الأعراس والمتنزهات والزيارات من الأمور والشؤون لا ترى حركة واحدة ولو طفيفة مخلة بالآداب أو بأوامر الدين لا في الرجل ولا في المرأة وهذا أبين برهان وأدل دليل على سلامة طبع الأكراد وعفتهم ونقاء قلوبهم وطهارة دخيلتهم وحفظهم للآداب العمومية. والأخلاق الرضية.

والخلاصة من هذا كله إنه لا مانع للكردي من أن يختار المرأة المناسبة له بعد هذه المجتمعات والملاقيات والمواجهات اللهم إلا أن يكون نقص في عقله أو شواعره أو مشاعره وعليه إذا أراد الكردي أن يتزوج ينتخب له في الغالب زوجة فيخطبها وتزف إليه بعد العقد والعرس الذي يمتد يوماً أو يومين أو ثلاثة وإذا زفت ذهب معها الأقرباء والأنساب والأصدقاء يحف بها النساء ووراءهن الرجال فيخرج الخطيب لملاقاتها إلى مسافة غير قليلة وعند دخولها الباب يضربها على رأسها بقصبة مصبوغة بأنواع الأصباغ، أو يلقي عليها ديكاً حياً فيتخاطفه أصحاب الموكب فيأخذ كل واحد منهم عضواً أو شيئاً منه إظهاراً للهيبة. وبعد أن يتم القران ويكمل النكاح ويمر زمان على الزوجين وتحمل المرأة ينتظر الولد بصبر جميل فإن ولدت ذكراً يفرح به أهل البيت أشد الفرح ويحرسون الأم أشد الحراسة مدة سبعة أيام ويلعبون حولها ويغنون من الصباح إلى المساء ويسمون هذه الأيام (شواره) وزان سحابة) وقد يفعلون مثل هذا الفعل للأنثى أيضاً إذا كانت عزيزة على الوالدين أو إنها البكر أو أنها لم تولد إلا بعد كثير من البنين

<<  <  ج: ص:  >  >>