للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣ - الأسرة الكردية

إذا تزوج الرجل امرأة نشأ البيت أو قامت الأسرة والأسرة الكردية تنشأ طبقاً للسنن الطبيعية، بملء الحرية، ولهذا تراها في اغلب الأحايين تشبه الأسرة العربية البدوية، منزهة عما يكدر صفاء العيش، أو يعكر كأس الراحة. قل ذلك عن البيت الشريف أو الوضيع عن الغني أو الفقير. والسبب الرئيس لحصول هذا الأمن العظيم ناشئ من رضاه من امرأته، ورضاه من امرأته متولد من كونه انتخب هو بنفسه شريكة حياته بعد أن عرفها من مخالطته إياها بنفس عفيفة أبية، ولذا تراها تشاركه في مر الحياة وحلوها، في خيرها وضيرها تراها باقية غير محتجبة عن الرجال، كما كانت على تلك الحال قبل الزواج. كل ذلك لأن الوسط لم يلوث بفساد الأخلاق، وكثيراً ما يرى أو يكلم الزوج المستقبل زوجته المستقبلة وقدر منزلتها ولا خطبة بينهما ولا عقد ملاك. ولا تظن أن هذا يصعب على الرجل حتى في المدن لأن وسائل الملاقاة كثيرة متوفرة منها الأعراس ومواسم الأفراح والمتنزهات والزيارات إلى غيرها.

أما الأعراس فإن الأبكار والثيبات يأتينها من كل فج سحيق، وواد عميق، وإذ اجتمعن تمسك الواحدة منهم يد الأخرى على شكل نصف دائرة ويأخذن بالرقص فينشأ من شبه تلك الدائرة روضة من أزهار الحسن والجمال، مائسات بغنج ودلال، على إيقاع الطبل والزمارة (وهي زورنا بلغتهم وهي السرناي أو السريانة المعربة) ويسمون هذا الرقص (شاهي أو شائي). وفي تلك الأثناء تغنى الأغاني المؤثرة والشبان من حواليهن يشجعونهن بما ينثرون عليهن من النقود والملبس وهم لا ينثرون هذا النثار إلا على رأس من استحسنوها أو فاقت صواحبها أو أترابها بالرقص العفيف والطرف النظيف وفي بعض الأحيان قد يشترك الشبان مع الشابات فيطلق حينئذ على هذا الزفن المشترك اسم (رش بلك) وإذا تعب الرجل فقد يسقط بين امرأتين أو أكثر أو بالعكس وليس من يفكر بأدنى شر وليخسأ كل من يضمر السوء في نفسه

وأما التنزهات فهي خاصة بفصل الربيع وكثيراً ما تعقد مجالس الأنس

<<  <  ج: ص:  >  >>