للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدقائق والروابط والأساليب الفارسية ما يخرجها عن اللغة العامية فضلا عن الفصحى. وقد أهملت كثير من الأعضاء العلمية حتى غمضت وصارت أعضاء أثرية.

فاللغة والحديث والتفسير والتاريخ والأدب والفلسفة انسد باب الاشتغال فيها في النجف فضلا عن باب الاجتهاد والفقه العربي مسخ أسلوبه وانقلب انقلابا كبيرا.

أما النفع فمن جهات عديدة فلقد أنعشت النجف تلك المهاجرة بأمور كثيرة مادية واجتماعية وأوجدت لها مكانة تاريخية، لقد لطف الذوق الفارسي وأثرت تلك العقول في نفسية البلاد

فالنهضة الحديثة في النجف بما فيها من جهاد أو عناد سياسي وتجدد أدبي وتحرك إصلاحي كلها من نافخ فارسي وإذا كان للاحتكاك أثر أدبي فإن الاختلاط الفارسي بالنجف والنجفيين أوجد أشياء كثيرة منها هذه الحركة الفكرية الجديدة التي تتمخض في النجف منذ ١٩ عاما أي منذ تاريخ الانقلاب السياسي الإيراني والعثماني.

والأدب النجفي - وخصوصا الشعر - فيه خميرة من الأدب الفارسي ولكن كانت الجالية الفارسية والمهاجرة بالأمس انفع للحركة الفكرية في النجف اليوم لأمرين:

أولا - لأن التجدد في بلاد فارس والحركات السياسية والاجتماعية في إيران جذبت المفكرين والمتنورين من الجالية الإيرانية التي فضلت الإقامة في بلادها والعمل لها على المهاجرة وأصبح لا يهبط النجف من الطبقة الراقية أحد وكل من يغشى النجف فهو من الدهماء وطبقة السواد من أبناء الاكرة والتناء القرويين.

ثانيا - أن النجف اضطربت في مبادئها ونزعاتها السياسية وسايرتها السياسة البغدادية زمن القلاقل والزعازع، فلما أرادت سياسة بغداد أن ترسخ وتستقر وتشتغل في بنيان حكومة دائمة اختلفت مع النجف في بعض تعاريج السياسة وملتوياتها فقضت بغداد باعتزال النجف عن السياسة فاعتزلت النجف وقبعت في زاويتها. فالنجف في عزلتها اليوم فقدت عضوا كبيرا من أعضاء الحركة الفكرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>