للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - المدرسة النجفية

إن مبدأ المدرسة العربية الإسلامية وبذرتها الأولى هي تلك الحلقة المقدسة التي كانت تجتمع في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فتتطارح بالحديث والسنة والإدارة والتاريخ والأدب، ثم توسعت تلك الحلقات والاجتماعات فكانت في مسجد الكوفة ومسجد البصرة وصارت المساجد مركزا للحركة الفكرية فالمساجد في غير أوقات العبادة مدارس. وهذه الطريقة القديمة محفوظة في النجف اليوم، فالجامع الهندي ومشهد علي (ع) المعروف عندنا بالصحن - وغيرهما في أوقات العبادة تجد الطلاب هناك حلقا حلقا مبثوثين وبعض الأساتذة على المنابر وكلهم يتطارحون في المباحث العلمية والأدبية.

ومشهد علي (ع) - الصحن - أول إنشائه كان بصفة مدرسة حول الرواق العلوي كما ذكره الرحالة ابن بطوطة في سنة ٧٢٦ هـ وذلك على عهد عمارته الأولى العمارة البويهية

وهكذا هو في عمارته الحالية وهي العمارة الصفوية التي خططت في غرة القرن الحادي عشر فإنه بشكل مدرسة تدور عليها خلوات وأيونات في الطبقة السفلى ومثلها في الطبقة العليا وأمامها بهو (قاعة) للتدريس والاجتماع وهكذا كانت الخلوات مشحونة بالطلاب الغرباء ورواد العلم وما زالت بعض الخلوات أو الحجر تعرف بأسماء العلماء الذين كانوا يقطنونها مثل حجرة الاردبيلي في الطبقة العليا فوق الباب المعروف بباب القبلة. وقد كانت خزانة كبيرة للمدرسة العلوية أي (للصحن) قيل أنها كانت تشتمل على ٤٠٠ ألف كتاب وأخيرا تبدلت الحال وصارت الخلوات التي في الطبقة السفلى مقابر للأموات التي تريد التقرب من مرقد الإمام (ع) وبقيت الخلوات التي في الطبقة العليا فارغة موحشة وما هي إلاَّ عشا للخفاش ولطيور الحمام المعروف بحمام الحضرة.

بادت تلك الخزانة ولم يبق منها غير مئات من نسخ القرآن المجيد وكتب الأدعية وشيء من الكتب المبعثرة مكدسة في بيت صغير في الصحن من جهة القبلة، وقد ذكر ابن بطوطة أن مشهد علي (ع) محفوف بالمدارس والزوايا والخوانق ومن القرن الثاني عشر كثر تشييد البنايات والأروقة حول المشهد

<<  <  ج: ص:  >  >>