وهذه بالولاية. فيكون لكل عالٍ حق إشراف على من دونه. ولكل من كان في منزلةٍ دنيا إتباع من هو أعلى منه.
أما في هذه الإمارة فكل جزء من أجزائها كبيراً كان أو صغيراً (أي أن كل مثل الناحية أو مثل المتصرفية) فمربوط بقاعدة الإمارة رأساً وليس لأحد على أحد أمر أو نهي. بل ترى جميعهم مربوطين برباط واحد يساويهم في القدر والمنزلة ويعلقهم بالإمارة على سبيل التكافل والتضامن فيراجع رئيس كل قرية أو مدينة عاصمة الإمارة بدون أن يراجع أحداً بمنزلة وسيلة أو ذريعة لإصلاح أموره وشؤونه عند الأمير الكبير.
هذا من جهة المصالح المعروفة بالمدنية أو الملكية. وأما ما يتعلق بالأمور السياسية فهذا شيء آخر ولا يحتاج إلى إدارة خاصة. لأنها وإن تنوعت فهي لا تبعد عن أمر واحد هو الغزو لا غير. فمتى أراد الحاكم أن يغزو استنفر قومه وإذا استنفرهم نفر معه الكبير والصغير، اللهم إلا ذاك الكبير العاجز، أو ذاك الصغير الضعيف، أو من كان ذا أشغال مهمة إذا تركها تضرر ضرراً عظيماً وكذلك يترك من يعنى بالفلاحة أو الزراعة. وإذا كان في البيت الواحد أخوان يذهب أحدهما ويبقى الثاني وكذلك قل عن أبني العم أو أبني الخال فإن أحدهما ينفر للقتال والآخر يبقى عوناً لأهل البيت.
والأمير في أبان الحرب لا يقوم بشيء من المؤن والذخائر الحربية لأن كل من يخرج للغزاة مكلف بأعباء نفسه من اتخاذ الأسلحة اللازمة والمتاع وكل ما يضمن له القتال مدة من الزمن. فإذا طالت المدة فالحاكم يجدد له الخيل والركاب والأسلحة إذا تلف منها شيء. وهو يمدهم بالأطعمة وبكل ما يحتاجون إليه من نفقات اليوم أو مما لا بد منه. واعتماداً
على هذا المبدأ تراهم يستعدون للقتال أو الغزو في هنيهة من الزمن كاملي العدة شاكي السلاح مهيأي الكراع
أما عشائر البادية فهي على هذا المثال من امتثال أوامر الأمير فإنه يكتب إلى شيوخها كتاباً ويعين لها موضعاً تجتمع فيه في يوم يضربه لهم فإذا حانت الساعة وجدها في انتظاره في الموطن المعين.
هذا ما يجري في هذه الإمارة من الاستعداد للحرب والغزو وهو ما كان يجري في سابق العصور الخالية فلم تغيره الأيام ولا كرور الأعوام لأنهم وجدوا