للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذراعاً (أو مقياساً آخر لا يعلم ما هو) وذهب غيره إلى أنه هيكل بعل الذي ذكره هيرودوتس وقال عنه أنه ذو ثمانية أبراج أو طباق بعضها فوق بعض وقد تقدم ذكره. وقال قوم أنه كان بناء عظيما ذاهبا في العنان استلزم لأقامته عدداً غفيراً من العملة وكان المشتغلون فيه في أول الأمر جميعهم بابليين يتكلمون بلسان واحد فألجأتهم الحال لتعجيل العمل إلى أن يستعينوا بعملة آخرين من غيرهم فحشدوا لذلك بنائين ونحاتين من أمم مختلفة يتكلمون بألسنة شتى. فلما كانوا في بعض الأيام هبت عواصف شديدة فنسفت رأس البرج فخيل لهم أن الآلهة فعلت ذلك وبلبلت ألسنتهم فكفوا عن بنائه وشاع هذا الاعتقاد بين الكلدانيين من ذلك الوقت. قلنا: وما هذا القول إلا تشوبه كلام الكتاب الكريم وتحويله عن مجرى معناه المألوف.

ويظهر أن برسبا في أوائل الأجيال النصرانية كانت معمورة بالأبنية والهياكل وقد ذكرها استرابون على حالها الأخيرة فقال: (أن برسبا المعروفة الآن باسم بورس أو برس هي من

المدن المشهورة بنسج الكتان وفي جملة أبنيتها هيكلان فاخران أحدهما لابولون والآخر لأرطاميس أخته. وقال ويكثر في نواحيها الخفاش وهو أكبر من الخفاش المعروف عندنا وهم يأكلونه وبعضهم يذخره مقدداً ومملوحاً إلى حين الحاجة إليه. انتهى.

وكان فيها سابقاً أي في عهد الكلدانيين مدرسة عامرة يدرس فيها علم الكلام وسائر العلوم العالية حتى أنه لم يكن في الشرق كله إلا في وركاء أو أرك. - وقد فتحها عدة ملوك من جملتهم شلمناصر الثالث في نحو سنة ٨٥٢ قبل المسيح. ثم استحوذ عليها آشور بنيبل (المتوفى سنة ٦٢٥ ق م) وقد جاء عنه في التاريخ أنه انتصر على شمش سمكين في السهل وأحاط ببقايا جيشه إحاطة السوار بالمعصم في بابل وسبار وبرس وكوثى. وبينما هو يحاصر هذه الثغور المنيعة، إذ أقبل عليه تمريتمو يناجزه فقال آشور بنيبل على ما ورد في الرقم: (ابتهلت إلى آشور واشتر فتقبلا أدعيتي واستمعا كلام شفتي. خرج عليه عبده اندبيجش فكسره في حومة الوغى). فاضطر المخذول إلى أن يفر هارباً إلى نينوى وأصبح في يدي ملك آشور العوبة لا غير. (نعم أنه قبل رجلي الملكيتين وعفر وجهه أمام موطئ قدمي. . . فأنا آشور بنبيبل السمح أقلته من خيانته وأنزلته هو وذريته وبيت أبيه في قصري) ولما رأى شمش شمكين أن حليفه النافذ الكلمة غادره وبقى بدون عضد بعد هذه النائبة الفجائية إنهاض

<<  <  ج: ص:  >  >>