في سنة ١٣١٩هـ (١٩٠١م) كنت في بلاد عمان فوجدت في نادي أحد الشيوخ رجلاً نسابة من كبار رجال جنوبي نجد يقال له (فهد المحمد الفضلي) فسألته عن أشياء كثيرة تتعلق ببعض القبائل فأجابني عنها أحسن إجابة واستفدت منه فوائد جمة دونتها في مذكرتي ولم أزل أحفظها وأدعو له بالتوفيق لما اقتبست منه.
ومن جملة هذه الفوائد ما ذكره لي عن قبيلة (الدواسر) قال: (إنهم من بني تغلب بن وائل وسبب تسميتهم بالدواسر هو لأن أحد رؤسائهم واسمهم (دواس) حينما نزل بإعرابه (وادي حنيفة) غرسوا فيه نخيلاً سموه السر و (السرية) وهما معروفان إلى يومنا هذا بالاسمين المذكورين والسر بطن الوادي فلما أقاموا فيه طويلاً عرفوا بذلك الوادي ونسبوا غليه فقالوا: (دواس سر) كقولك أعراب الشيخ دواس النازل في سر أو كغارس سر وسرية أو عرب دواس سر وقد قدموا إليه من اليمن وبتداول الأيام قالوا دواسر ثم قال: وأحقهم بالتغلبية (آل فضول)(بضمتين) ولا يوجدون اليوم إلا في الوادي المذكور. وليس كل من نازلهم هناك هم منهم لأن فيهم من أعراب بكر وزائد وغيرهم.)
والظاهر إنهم من تغلب طبقاً لما قال هذا النسابة وذلك من وجهين: ١ - اتفاق أكثر النسابين العصريين على هذا الرأي لا سيما أولئك الذين ترددوا إلى تلك البلاد إذ هم لسان واحد في أن التغالبة هم في جنوبي جزيرة العرب ولم يذاكروهم بين عرب الشمال وإن كانوا في سابق العهد ينزلون الديار الشمالية. ٢ - كثيراً ما ينقل في أدبيات وأشعار هؤلاء الأقوام مما يدل على إنهم تغالبة فقد قال أحد شعرائهم العصريين
إنا بني تغلب من نسل وائل ... من قديم شبوب الحرب منا
إن خذينا السلائل بالدبائل ... نعجب إلى غطاريفه تثنى