للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللغة الضادية هو اليوم مجهول. فيتخذ المعرب من كلام الأغراب ريثما نعرف ما يعوض عنه في لغتنا وأرباب هذا الرأي منتشرون في جميع الديار العربية اللسان.

فأصحاب الرأي الأول يقلون إذ يرون أن الغنى على غير وجه مشروع سرقة والثروة غير مرغوب فيها أن أضرت صاحبها. أما رأي القسم الثالث فأنه رأي حسن وهو رأي أغلب المعتدلين في الوصول إلى تحقيق الأماني. أما رأي القسم الثاني فهو في نظرنا من أحسن المذاهب. أن وفق له رجال واقفون على لغة من اللغات الإفرنجية ومطلعون على أسرار اللغة المبينة العدنانية. ومن أصحاب هذا الرأي في بغداد العربي الصميم الأديب أبو قيس عز الدين علم الدين التنوخي وكاتب هذه السطور صديقه المعجب به.

أنتدب أبو قيس لنقل كتاب الطبيعيات لمؤلفه الفرنسي فرنان ماير إلى العربية فأفرغه في قالب يكاد يرضي جميع أبناء يعرب: إلا إنه غالي في وضع الألفاظ حتى أضطر إلى مخالفة أصول القواعد المعهودة التي أقرها جميع النحاة من أصحاب سيبويه ومن معارضيه.

ولهذا نستأذن صديقنا في إبداء رأينا في هذا الصدد:

وأول كل شيء نأخذه عليه انه عرب كلمة بقوله (فيزياء) حملا لها على كيمياء. لكن كيمياء هي كذلك في اليونانية بخلاف فيزياء. فكان يحسن أن يقال فيها فوسيقي وزن موسيقي. لأن الكلمة اليونانية فوس (بعد تجريد علامة الإعراب منها وهي س) ومعناها الطبيعة مكسوعة بأداة النسبة أو الصفة وهي عندهم (قي) إذن كان يجب أن يقال فيها (فوسيقي) كما قال السلف موسيقي وارثماطيقي وافودقطيقي وطوبيقي وسوسفطيقي وريطوريقي وبيوطيقي (راجع مفاتيح العلوم للخوارزمي ص١٤١ وما يليها من طبعة بويل في ليدن).

هذا إذا أردنا التعريب على أساليب السلف. بيد إننا ندعي أن كلمة (فوس) اليونانية أو الإغريقية هي كلمة عربية الأصل. أخذها اليونانيون عن العرب حينما كان يجمعهم صعبد واحد مختلطين بعضهم ببعض. (وفوس) بالعربية (توس)

<<  <  ج: ص:  >  >>