للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معنى ومبنى. فقلب الإغريقيون التاء فاء كما قلبوها في ألفاظ غيرها. وقد يحتمل أن بعض العرب كان يتلفظ بها بالفاء وهو غير بعيد، لأن اللغويين لم يذكروا لنا اختلاف جميع القبائل ولغاتهم للفظة الواحدة بل ذكروا منها بعضا ليذكروا بها القوم ويملوا ما كان من هذا الغرار على ذلك المنحى. أما ورود التاء والفاء متبادلة على لغة بعض القبائل فظاهر من هذه الألفاظ: المحتد المحفد. سحت وسحق بمعنى قشر. تش سقاءه وفشه. النكات والنكاف وهناك غيرها وهي كثيرة. وعليه لو قال صديقنا (التوسيات) بدلا من (الفيزياء) لما لامه أحد، بل لوافقه عليها كثيرون والعالم للتوسيات: توسي لكنه خالف الصراط السوي في الوضع الأول والثاني فلا أرى من يتبعه في وضعه هذا غير أفراد قلائل.

على إننا وأن كنا نرى أن التوسيات من المعرب الحسن أو من الوضع العربي الصميم. إلا أننا لا نستحسنه لأن السلف سبقونا إلى وضع لفظ لهذا العلم وسموه علم الطبيعة وهي الشائعة في كتب علمائنا الأقدمين. قال في كشف الظنون علم الطبيعة علم يبحث فيه عن أحوال الأجسام الطبيعية وموضوعة الجسم. أهـ ويقال فيه علم الطبيعي (أي علم الجسم الطبيعي) وعلم الطبائع والعالم به طبيعي أو طبائعي. قال في صبح الأعشى (٢٤٨: ١٣) نقلا عن كتاب التعريف بالمصطلح الشريف: (الدروز. . . ينكرون المعاد من حيث هو،

ويقولون نحو قول الطبائعية: إن الطبائع هي المولدة والموت بفناء الحرارة الغريزية كانطفاء السراج بفناء الزيت إلا من اعتبط) أهـ. وقد ذكر دوزي المستشرق في معجم (الملحق بالمعاجم العربية في ٢٣) أن الطبيعي وعلم الطبائع وردتا عند العرب بمعنى (أي التوسيات أو الفيزياء كما يقول صديقنا) والعالم بعلم الطبيعي: طبيعي وطبائعي: وقد اثبت ذلك بشواهد نقلها عن كتب العرب؛ غير الشواهد التي أتينا بها.

وقد يعترض علينا الصديق التنوخي قائلا (ص ج): إنا أن ترجمنا فيزيك بالطبيعة لم تتخصص الترجمة: أو قلنا الحكمة الطبيعية عبرنا عن كلمة بكلمتين وصعبت النسبة. وإذا نسبنا إلى الموصوف وقلنا طرشلي الحكمي ظنه القارئ حكيما فيلسوفا: أو إلى الصفة وقلنا الطبيعي ظنه باحثا عن المواليد

<<  <  ج: ص:  >  >>