قلنا: اتضح مما قدمناه قبيل هذا أن الفيزيك هي علم الطبيعة أو علم الطبيعي وعلم الطبائع وأن العالم به هو الطبيعي أو الطبائعي فهو من المترجم إلى العربية كلمة بكلمة منذ القدم. فإذا وصفنا طرشلي قلنا عنه: الطبائعي ولا حاجة إلى ذكر الحكمة فإن الحكمة الطبيعية غير معروفة عند العرب بل عند الأتراك. وقولك الطبائعي يميزه عن (المواليدي) وهو العالم بعلم المواليد وعلم المواليد هو وأما الناتور والست بغير هذا المعنى فهو الدهري (بضم الدال) عند العرب.
نتيجة هذا البحث إننا لا نرى حاجة إلى إدخال كلمة جديدة في لغتنا تغلق علينا باب المعرفة أو توصد في وجهنا إدراك كتب السلف في حين أننا في منوحة عنها وغنى: فضلا عن أن المعرب لا يقابله عند الإفرنج شيء فهو من المعرب الموهوم والخطأ.
وسمى أديبنا الفاضل كتابه (مبادئ الفيزياء) فنحن لا نوافقه على كلمة مبادئ هنا جريا على ما في معاجم لغة الأجانب فمعنى أو هو مجموع معارف أولية تسير بك إلى مطلوبك من علم أو فن أو صناعة (راجع معجم لاروس) من غير أن تطلعك على كامله الذي تسعى إليه. وسمت العرب هذا الطرف من العلم غير الكامل:(ذروا) قال ابن مكرم في مادة ذرو: (وفي حديث سليمان بن صرد قال لعلي كرم الله وجهه: بأني عن أمير المؤمنين ذرو من قول تشذرلي فيه بالوعيد فسرت إليه جوادا.) ذرو من قول أي طرف منه ولم يتكامل. قال ابن الأثير: الذرو من الحديث ما ارتفع إليك وترامى من حواشيه وأطرافه من قولهم ذرا
فلان أي ارتفع وقصد. . . والذرو لغة في الذرء. انتهى
ونحن إن قلنا: نفضل (ذرو من الطبيعيات أو من الطبائع) على قوله: (مبادئ الفيزياء) لا نريد أن نخطئ كلام العربي الغيور. بل نفضله عليه من باب إتقان نقل المعنى الموجود في الافرنسية إلى العربية فالذرو والذرء من واد واحد كما أن هو من هذا الوادي عينه.