ولكن أبى قوم أصيب أخوهم ... رضا العار فاختاروا على اللبن الدما
معنى البيت الأول لو كانت معاملتنا مع حي يرى قبول المال فداء لأرضيناه بالمال الكثير. ومعنى البيت الثاني امتنع قوم أصبنا صاحبهم من الرضا بالدنية وآثروا طلب الدم على قبول الدية. وجعل اللبن كناية عن الإبل التي تؤدي عقلا لأنه منها؛ أي أبوا أن يرضوا العار خطة لأنفسهم.
وقالت كبشة أخت عمرو بن معد يكرب:
أرسل عبد الله إذ حان يومه ... إلى قومه لا تعقلوا لهم دمي
ولا تأخذوا منهم أفالا وأبكرا ... واترك في بيت بصعدة مظلم
ودع عنك عمرا أن عمرا مسالم ... وهل بطن عمرو غير بشر لمطعم
فان انتم لم تثأروا واتديتم ... فمشوا بآذان النعام المصلم
ولا تردوا إلاَّ فضول نسائكم ... إذا ارتملت أعقابهن من الدم
قولها أرسل عبد الله الخ - إنما تكلمت به على أنه أخبار عما فعله عبد الله وهو أخو عمرو وغرضها تحضيضهم على إدراك الثأر ويقال عقلت فلانا إذا أعطيت ديته وجعل هذا المعقول الدم لأن المراد مفهوم كأنه قال لا تأخذوا بدل دمي عقلا.
وقولها ودع عنك عمرا - أي خالف عمرا أن هو مال إلى الصلح ورغب في أخذ الدية.
وقولها ولا تأخذوا الخ. الافال جمع أفيل وهو الذي أتت عليه سبعة أشهر أو ثمانية من أولاد الإبل.
فإن قيل لم ذكرت الافال والابكر وما يؤدى في الديات لا يكون منهما قلت أرادت تحقير الديات كما يقول الرجل إذا أراد تحقير أمر خلعة فاز بها إنسان: إنما أعطي خرقا وفلوسا. وأن كانت الثياب المعطاة كسوة فاخرة والمال المحقر جائزة سنية.
وقولها وهل بطن عمرو غير بشر لمطعم - تزهيد في الدية كما ورد في الخبر: هل بطن أبن آدم إلاَّ شبر في شبر لما أريد تزهيده في الدنيا.
وقولها واترك في بيت بصعدة مظلم - صعدة مخلاف من مخاليف اليمن