للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعملنا الفكرة في تفهم تلك الأسطر الستة فلم نوفق له، فعسى أن يهتدي غيرنا إلى ما يريده الكاتب.

والخلاصة فهمنا من هاتين الصفحتين أن الناطق بتلك المفردات الفريدة لا يريد أن يجمع من تنسيقها معنى حقائق وصورا بينة، بل يريد فيها دندنة وطنطنة وطقطقة وشقشقة وبقبقة. ولهذا لا نريد أن نتبعه في جميع ما جاء به على هذا الحذو المبارك!

تعال الآن ننظر ما فيه من صغار الزنابير اللاسعة. فالظاهر أن الرجل عصبي في غاية العصبية، فهو يمجد بعض المتهوسين ويلقب بعض الرجال الهادمين لأركان الراحة والسلام بألقاب ضخمة لا تصلح لهم إلاَّ من قبيل الهزء والسخرية. فقد قال مثلا في ص١٠: (سمعت نداء المصلحين والمبشرين من عهد (بوذا) (وكنفوشيوس) إلى يوم (كارل ماركس) و (تولستوي)، فعلمت أن هذه التعاليم، مع كل ما حوته من الحكمة (؟) والسداد (؟) ليست بكافية لتغيير سبيل الحياة الذي سار عليه البشر) لا اعلم ما يريد بالمصلحين والمبشرين؛ كما لا اعلم كيف جعل بوذا وكنفوشيوس وكارل ماركس وتولستوي من طبقة واحدة؟ وهل في تعاليم هؤلاء الأربعة حكمة وسداد؟ فإن كانتا فيها، فلم بقي الآخذون بها على غير سبيل الحياة الذي سار عليه البشر؟ - وفي الفصل الذي عنوانه (النابغة) (ص٦٦ إلى ص٧١) ما لا ينطوي فحواه على غر الريحاني معبوده بل عليه نفسه. وكله كلام لو قاله غيره لوصمه بالمعتوه والمجنون. لكن الظاهر من كلام رفائيل أنه يجوز له أن يمدح نفسه بل يؤلهها، ولا يجيز لغيره أن يتنفس هواء الجو الذي يستنشقه وذلك لأنه قال (في ص٧١) (وسوف يعرفني رفاقي (لعلها رفقائي) متى رفعوا الغشاوة عن أعينهم (لعلها عن عيونهم. وذلك لأن على عيون جميع لدات الكاتب غشاوة إلاَّ هو فإنه يبصر. أفيجوز له أن يمدح نفسه على هذا الطراز البديع؟) فيعلمون أنني وإياهم في الجوهر (أي جوهر؟) متفقون وأن اختلفنا في الأعراض (أي أعراض تريد؟ افصح لنا لنؤاخيك ونتخذك أستاذنا وأمامنا.)

لسعات رفائيل مسمومة! لا نريد أن نستزيد منها، فلابد من أنها تحدث ورما. فلننتقل إلى الهوام التي في تلك الزهرات الربقية.

<<  <  ج: ص:  >  >>