للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما كان عيبي عندهم غير أنني ... إذا بيعت الأرواح لا ادعي الغبنا

وأن قام سوق الحرب أني أشدهم ... لأعدائهم بأسا وأكثرهم طعنا

وأثبتهم جأشا وأطولهم يدا ... وأوفاهم عهدا وأكبرهم سنا

واحكمهم عقدا وامنعهم حمى ... واصدقهم قولا وأوسعهم مغنى

أجامل أقواما ولاء لا مهابة ... فيزعم قوم أننا منهم خفنا

واسكت إيفاء لود علمته ... وعندي مقال يحطم الظهر والبطنا

ولو وقفوا يوم الرهان مواقفي ... لأهديتهم روحي ومالي وما يقنى

فيا أسفي ضيعت عصر شبيبتي ... بكل خفيف القدر لا يعرف الوزنا

فإن وصلوا حبلي وصلت حبالهم ... وأن قرعوا سني جدعت لهم أذنا

إذا هم في إسعادنا لملمة ... ألمت بنا قد أسعفونا فلا عشنا

وظنوا بان الآل يشفي من الصدى ... فخاضوا به للورد جهلا وما خضنا

وقد بدلوا الغالي الذي تعرفونه ... بصفقة غبن لا نقيس بها غبنا

ولو علموا ما يعقب الغبن في غد ... وقيل لهم تبت يداكم وما أغنى

صحائف عندي غيرة قد طويتها ... ولو نشرت يوما لقصوا لها ذقنا

أجول بطرفي في العراق فلا أرى ... من الناس إلاَّ مظهر البغض والشحنا

فخيرهم للأجنبي وقبحهم ... على بعضهم بعض يعدونه حسنا

وشبانهم شابوا المودة بالجفا ... وشبنا وما للصفو في كدر شبنا

حضرنا متى غابوا بموقف حربهم ... وأن حضروا في موقف للخنا غبنا

سمرنا مع السمر العوالي لياليا ... وهم سمروا في ذكر سعدى وفي لبنى

جفوا فوصلنا حبلهم بعد قطعه ... فدع منهم يبدو الجفاء ولا منا

إلا نخوة منهم فيصغون للذي ... أيادي سبا قد لاعبت ذلك المغنى

إلا حازم للرشد شد حزامه ... لداهية ينسى بها الطائر الوكنا

إلا مرشد منهم عن الغي قومه ... فيوقفهم منه على السنن الاسنى

إلا دافع عن قومه بغي ظالم ... إذا فقدوا في الحرب من ينطح القرنا

وكان إذا أبدى التشاجر نابه ... يفرون مثل الجمر عنه وما كنا

ومن كل ناموس وبأس تخلصوا ... كما نحن من غل وغش تخلصنا

<<  <  ج: ص:  >  >>