وبين المعنيين فرق ظاهر. وفيها (فعرف الخليفتين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وطلحة والزبير) ولو قال: وغيرهما مثل طلحة والزبير لانتفى كل وهم من عبارته. وفيها (ثم نراه بعد ذلك قائدا بسيطا من الجيش) وهو تعبير إفرنجي لا يستمرئه العربي الفصيح بل يخير عليه قوله: قائدا من القواد أو قائدا من طائفة القواد.
وهكذا يتعثر المطالع في كل صفحة من صفحات هذا السفر الطيب وربما قد يعثر على ما يورثه ضحكا ففي ص٣ يقول:(حين شرط مصر والمغرب طعمة له) ولم يذكر بأي مشرط أو مشراط يشرطهما حتى إذا قتلهما أصبحتا طعمة له. هذا الذي يفهمه لأول وهلة قارئ العبارة. إلاَّ إن المعنى الحقيقي ليس هذا بل هو: شرط (على أن تكون) مصر والمغرب طعمة له. وبين التعبيرين فرق إذ يقول الفصحاء شرط عليه بالبيع لا شرطه.
ومع كل هذه الهنات الهينات نتمنى أن ينتشر هذا الكتاب بين الناطقين بالضاد ليتعلموا ويتقنوا أسلوب المباحث لا أن يتلقوا أقوال السلف على علاتها إذ بينها الغث والسمين، الزين والشين، الصادق والمموه، لغايات كانت في صدورهم أزالها الله عنا وعن أولادنا!
٤٢. تناقص النفوس في العراق أسبابه وطرق تلافيه
محاضرة الدكتور حنا خياط، مدير الصحة العامة في العراق، طبعت في مطبعة العراق في
بغداد سنة ١٩٢٣ في ٤٨ ص بقطع الثمن.
صديقنا الدكتور حنا خياط من الرجال ذوي الهمم العالية والأشغال السامية والنظر الدقيق. ألقى هذه المحاضرة في الجمعية الطبية البغدادية ليحمل زملاءه الأطباء على تلافي الخطر الذي يتهدد ديار العراق من اضمحلال أهاليه.
فلقد قال إن سكانه كانوا يوما زهاء عشرة ملايين بل عشرين مليونا (ص٩) أما اليوم فإنهم لا يزيدون على ثلاثة ملايين. وينسب هذا التناقص الهائل إلى أربع علل: منها إقليمية وأخرى اجتماعية سياسية وبعضها طبية واغلبها إدارية سياسية