للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتخاذنا الأولى نخالف رأي الصرفيين أو النحويين وفي اتخاذنا الثانية نجمع بين أراء القبيلين كما تقدم الكلام فويق هذا.

٢ - كثرة أوزان أسماء الآلات

ذكر الصرفيون من صيغ الآلة: مفعل ومفعال ومفعلة (بكسر الميم) وزاد بعضهم عليها فعالى كفراش وذكروا أن هناك ما يخالف هذه الأوزان ضبطاً أو صيغة ثم قالوا عنها أنها (أسماء آلات غير مشتقة) وفي كل ذلك من التكلف ما لا ينكر.

أما الحقيقة فهي أن أسماء الآلة تعد من قبيل الفاعل أو ما هو بمعنى الفاعل كصيغ المبالغة وصيغ الصفة المشبهة. وأفعل بوزن المفاضلة وإن لم يكن هناك مفاضلة، أما ورودها على صيغ الفاعل والمبالغة فلأن ما ينسب إلى الآلة هو على الحقيقة من أثر العامل فيها، فالمكنسة لا تكنس من ذاتها ما لم يعالج بها صاحبها الكنس.

وهكذا القول عن سائر الآلات إلاَّ أن للآلة عملاً خاصاً بها لا تراه في عمل الرجل نفسه، فالمنشار ينشر بيد العامل به، فإذا ألقى الرجل عنه الآلة لا يستطيع أن ينشر بيديه، إذن يحق أن ينسب إلى الآلة عملاً خاصاً بها. فإذا كان كذلك كانت هي أيضاً عاملة بهذا المعنى ولما كان عمل الآلة يتكرر وينسب إليها هذا العمل من باب التوسل والتذرع جاز أن ننسب إليها العمل نفسه وننسبه إليها. إذن جاز لنا أن نتخذ لها صيغاً منزوعة من صيغ المبالغة واسم الفاعل والصفة المشبهة ووزن أفعل الذي ليس للتفضيل بل لتحقيق وجود الأمر.

أما أنه يتخذ لها صيغ من المبالغة واسم الفاعل فمفهوم للوجه الذي ذكرناه وأما أنه يتخذ من صيغ الصفة المشبهة فما لا يفهم على أن العاقل إذا تدبر أن معاني صيغ الصفة المشبهة سريعة الزوال لتغيير يطرأ عليها اتضح له وجه التجوز فالحسن مثلاً قد يزول حسنه لمرض يقع فيه أو لتشويه تشوه به أعضاؤه فيزول عنه الحسن لوقت ولهذا لاق أن تكون تلك الصيغ منزوعة من أوزان الصفة المشبهة إذ قد يطرأ على الآلات من العيوب الوقتية ما يطرأ على سائر الصفات.

ومن ثم نرى كثيراً من الآلات جاءت على أوزان هي من صيغ اسم الفاعل أو المبالغة أو الصفة المشبهة.

ونحن نذكر لك هنا أمثلة مأخوذة من الصيغ المذكورة من فصيحة ومولدة

<<  <  ج: ص:  >  >>