للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واليوم نرى في ديارهم مجلات وجرائد تنشر مثل هذه المباحث، فضلاً عن الأسفار التي توضع لمثل هذه الغاية، فيقبل على مطالعتها الناس أي إقبال

أما الغرض من الوقوف على هذه الأنباء فهو معرفة البيئة الفكرية بل الجو الفكري الذي يستنشقه القوم الفلاني ليكون الباحث على بينة مما كان عليه ذاك القوم من حالة العلم والحضارة وتتبع لغاته التي توصله بالأقوام أو القبائل أو الأجيال التي نطقت بها. فيقف على أصلهم ووطنهم الأول. ويعرف كيف أن القوي أبتلع ويهضمه فيتمثله. وبأي شيء أو بأي أثر فيه كما يقف على حقيقة ضعف القوم الذي أنحط إلى غير ذلك من الحقائق التي لا تأتينا أبداً عن لسان الفصحاء من الكتاب بل عن عوامهم، لأن الفصحاء قد ألفوا إنشاء بل صناعة كتابة هي غير ما ينطقون به أو يسمعونه، بل يدونون ما يوافق أهواءهم وأهواء من يميلون إليه وينسون ما يفيدون به الأجيال الآتية التي تود الإطلاع على دخائل الأمور التي ساقتهم إلى ما آتوه مهما كان ذاك العمل.

أما الديار العربية اللسان فليس لها من هذا القبيل شيء يذكر وما دون منه أغلبه للأجانب. وكنا نحن قد جمعنا الأمثال العامية. وحكايات للعوام من السنة اليهود والنصارى والمسلمين

فذهب أكثرها فريسة غائلة الحرب وبقي عندنا منها شيء نزر. وكأن غيرنا قد شرع بنشر أمور مختلفة في هذه المجلة لملء هذا الفراغ ثم أنقطع البحث باحتجاب المجلة وعبث الحرب المشؤومة بكل أثر من آثار الأدب والتاريخ والعلم والصناعة.

وها نحن أولاء نعود الآن إلى ما شرعنا به سابقاً، وقد أودعنا الأمر إلى أحد شبابنا النوابغ في هذا العراق الغض هو الصديق الودود أحمد حامد من آل الصراف، ولا نضن أن أحداً ينكر عليه هذا التخصص القومي، ومن يطالع هذه المقالة وما يتلوها يشهد له بطول الباع وسعة الإطلاع.

(لغة العرب)

<<  <  ج: ص:  >  >>