للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عوائد المنحطين.

أضرب لك مثلاً وهو كراهية الإنكليز للعدد ١٣ وتشاؤمهم الشديد منه فإذا أموا مأدبة أو جلسوا على مائدة الطعام عدوا الأشخاص فإذا كانوا ١٣ قام أحدهم على الفور وغادر المحل.

أما سبب نشأة الأساطير فقد يكون بدافع غريزة الخوف والوهم كما يدّعيه بعض المؤرخين أو سببه الجهل وعدم معرفة أسرار الطبيعة أو جهل حقائقها كما يدعيه الآخرون. أما نشأة

الأساطير إلى الخوف المتمكن من الإنسان والجهل وعدم الإلمام بشؤون الطبيعة معاً واعتقد كل الاعتقاد أن الأمم كلما تقدمت تقدماً أدبيا وعلمياً ونال أفرادها تهذيبا صحيحاً انقرضت أساطيرها ورحلت عن بلادها شيئاً فشيئاً لأن سبب الخوف هو جهل الطبيعة فإذا عرف الإنسان أسرارها زال ما كان قائماً على فؤاده من الذعر والوساوس مثال ذلك:

أنني كنت اعتقد وأنا طفل بأن سبب خسوف القمر هو أن (الحوت) يبلعه وكأن إذا حدث خسوف فزع الناس كلهم وأنا منهم سواء كان في بغداد أو في مدن العراق الأخرى ولاسيما النساء والأطفال والعوام الذين لم ينالوا قسطاً وافراً من التهذيب فسهروا ليلتهم وضربوا الطبول وقرعوا الأواني من النحاس وربما واصلوا هذه الحالة حتى طلوع الشمس. ولما درست أسباب كسوف الشمس وخسوف القمر اتضحت لي الحقيقة وزال عني ذلك الوهم وتلك الوساوس. وأصبحت إذا خسف القمر اقهقة ضاحكاً من عقول الآخرين فيفهم من هذا أن جهل الطبيعة هو السبب الأول لنشأة الأساطير.

وصفوة القول أني مقدم بين يديك أيها القارئ ما دونته في ظرف خمس سنوات من الخرافات والعوائد والأساطير بعد الجهد الجهيد والتعب العظيم وأني مستعد في كل وقت أن أحاج من ينكر علي صحة وجودها اليوم في العراق مستدلاً بالوقائع واتياً بالبراهين على ذلك ما قصدت بذلك سوى خدمة التاريخ العراقي وحسبي فخراً.

أحمد جامد آل الضراف

<<  <  ج: ص:  >  >>