الروائح الكريهة والجراثيم القاتلة هي التي أودت بهذه الحيوانات فأوردتها موارد الهلكه.
ويؤكدون أنه لا يخيم بالقرب منها أو بجوارها البعيد قبيلة ما لاستيلاء الرعب على الناس من مضارها وهي عندهم مضرب المثل.
يدلك على ذلك ما قاله شاعر هم النمر بن عدوان شيخ قبيلة العدوان المعروفة يصف بها حالة نفسه عند وفاة قرينته قبل ثلاثة أرباع القرن:
طير إلينا بمخلبه كين شغر بي ... وبين الثريا والكواكب رقابي
وبمثل سلك العنكبوت أنحدر بي ... وبقاعة حضوضى يا وديدي هوى بي
وأنت ترى أن هذا الشعر البدوي غاية في الرقة والانسجام، لا تنقص قيمته الشعرية عما أتى به أمير الشعراء شوقي بك في قصيدته أنس الوجود إذ يقول:
فتراها ما بين صخر وبحر ... ملكةً في السجون فوق حضوضى
٣ - توافق الخواطر في ضرر الحضوضين
بقي علينا أن ننظر هل هذه هي حضوضى التي عناها العرب وكانت منفى خلعائهم؟ أن نفرة الناس من حضوضى اليوم كنفرتهم منها بالأمس وتخوفهم منها اكثر من تخوف أبي محجن الثقفي فهذه الحقيقة تمهد لنا سبيل الظن بأنها هي المعنية وقد مر بنا أن أبا محجن هرب منها إلى القادسية في العراق وهي على ما علمت في الجادة السابلة إليه من الحجاز وقد تكون إذ ذاك ذات بوصي يمخر في مائها ويصل إلى البناء القائم في وسطها.
ولاستغربن أبدا تسمية العرب لمثل هذه البحيرة الصغيرة بالبحر وللبناء القائم في وسطها بالجزيرة فمثل هذا الماء في وسط جزيرة العرب يستحق أن يدعى بحراً وكل ما قام في وسطه من اليابسة حري بأن يسمى جزيرة، فأننا نراهم يسمون الأنهار بحاراً ويستوحشون من رؤية البحار وركوبها بله يحاذرون الدنو من الأنهار الكبيرة كما كان يفعل الخليفة عمر بن الخطاب وقصته مع عامليه عمرو بن العاص في مصر وسعد بن أبي وقاص في المدائن لما كتب أليهما (أن لا تجعلوا بيني وبين المسلمين ماء) قصة مشهورة.