للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهواء. ومعنى (هفا) بالنبطية - والنبطية هي اللغة الصابئية التي هي فرع من اللغة الارمية وأصحابها يفرون من حروف الحلق إذ ليس في لسانهم حاء ولا عين بل هاء وهمزة - المحتجبة (عن الأنظار لكثرة ما فيها من الشجر والدغل) ومعنى طرنايا الرطبة فيكون محصل مجموعها: المدينة المحتجبة بالدغل الرطبة الهواء. قلنا وما كان كذلك من البلاد والمدن لا يكون إلا مهلكة لسكانها.

ومن غريب الأمر أن بعض البغداديين في عصرنا هذا إذا أرادوا أن يدعوا على أحد من باب المدح أو القدح قالوا. (يا مال الهفا) أي من أنت جدير لأن تكون من أهل الهفة.

أما موقع الهفة اليوم فلا نعرفه فلعل أحد أدباء البطائح يفيدنا عنه بشيء.

وإذ قد وقع الحديث عن منفيين للعرب في عهد الجاهلية فلا بأس من ذكر منفاهم في أيام احتلال الإنكليز للعراق فأنهم كانوا ينفون الوطني الحر المدافع عن دياره إلى هنكام.

(هنكام)

والمعاصرون يقولون أيضاً هنجام هي حقيقة باب جهنم على ما وصوفها من نفي إليها. وقد قال ياقوت عنها: هنكام بالفتح اسم لجزيرة في بحر فارس قريبة من كيش ولم يزد على هذا القدر.

مع أنها حارة صيف شتاء شديدة الحرارة رطبتها. كثيرة الدويبات والهوام ولا سيما السامة منها، قليلة الخيرات وافرة النقمات واللعنات إلى آخر ما تريد أن تصفها بمثل هذا المعنى: فالمنفي إليها العائد منها مولود ثانية في العالم، والعائش فيها يهون عليه بعد هذا أن يعيش في نار جهنم، وكفى لها وصفاً.

(أيقال زحف الجيش على العدو)

لا تطالع سطوراً تذكر الزحف إلا تسمع صاحبها يقول: وزحف الجيش (على) العدو. ولا تكاد ترى كاتباً فصيحاً سورياً أو مصرياً أو عراقياً يخرج عن دائرة هذا الخطأ، مع أن الصواب هو زحف (إلى) العدو ونص اللغويين صريح: قال في اللسان: الزحف: الجماعة يزحفون (إلى) العدو بمرة أما زحف الولد فيكون (على) اليدين أو الرجلين قال الأزهري: أصل الزحف للصبي هو أن يزحف (على) أسته اهـ. وبهذا القدر كفاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>