الصحافة حرة في حدود القانون ما تشاء وتنتقد ما تريد، فليسمن الرأي أن نسألها لِم تنتقدنا بل الواجب أن نسأل أنفسنا لم نفعل ما تنتقدنا عليه.
نحن نحب الحرية ولكننا نحب أكثر منها أن تستعمل في موضعها.
جميل جداً أن يقال لا تحجروا على الناس ولا تقيدوا حريتهم وإنها لنغمة لذيذة يحسن وقعها في الأسماع والقلوب. ولكنا لا نريد الحجر على الناس ولا تقييد حريتهم بل نريد حماية الحق وصيانته من أن يتمتع به غير صاحبه من حيث يحرم منه صاحبه.
ومن خلقه الكريم شدة وفائه لأنصاره وحبه الخالص لأصدقائه (ولم يفهم سعد إلا من خاصمه سياسياً وخاصمه للمصلحة العامة دون سواها. كان سعد رجلاً وكفى إنه كان كذلك).
حقاً (إن زغلول باشا هو المصري بين جميع المصريين الذين كان نادر الفطنة والشرف السياسي، وكان يقصد ما يقول، وينفذ ما يعد، تلك صفات سببت نفيه ثلاث مرات ولم يستطع الإنكليز إغراءه بان يقبل لمصر ظل الحرية مع اختصاصه هو بنفوذ حقيقي وظهور عظيم لشخصيته).
ومن صفاته الباهرة بل ومن أسرار عظمته تسامحه الديني، فقد ولد مسلماً وكل ما بدا منه طول عمره دل على شدة العقيدة، وطالما أفتخر بانتسابه إلى الأزهر؛ ولكنه كان مع ذلك آية في التسامح الديني يعالج داء عضالاً في المجتمع الشرقي وقد عمل جهده في مدة زعامته في مكافحة هذا الداء بالقول والعمل فلم يميز بين المسلم والنصراني واليهودي في خدمة البلاد والحقوق والواجبات، ولا سيما عندما كان رئيساً للوزارة المصرية، فقد زاره جماعة من السوريين المتمصرين على أثر انتقاء أخطاء مجلس الشيوخ المصري وشكروه على تعيين ثلاثة من النصارى منهم أخطاء في المجلس المذكور، فأجابهم:(إني لا أعرفهم بهذا الوصف بل أعرفهم مواطنين مصريين وعليهم أن ينهضوا بعبء العمل كما ينهض إخوانهم.)