أدري أي الأيام يوم سعد لي، ولا أدري كيف يقول المنجمون إن في السنة أيام سعد وأيام نحس، فهل سنتي كلها، يا ترى، سداها بؤس ولحمتها شقاء؟ وهل كان يوم ولادتي يوم نحس وتعس؟. . .
فقاطعتها والدتها ساخرة من أقوالها وندبها حالها وقالت لها ضاحكة: إن سعادتك في شهر (أراخو مخرو) وهو الشهر الكبيس الذي يضاف كل ست سنوات إلى الإثني عشر شهراً. وسيأتي بعد السنة التالية. وأعلمي، يا شميرام، أن الفأل يختلف باختلاف العوامل التي تفعل في الحظوظ. فمن الأحلام ما هو من دواعي الهناء ومن ما هو من بواعث الشقاء، وللحيوانات والطيور والأشكال الهندسية مؤثرات في حظوظ البشر، ولا يعلم ذلك إلا الآلهة والكهنة والمنجمون الراسخون في العلم. وأزيدك علماً إنني قد استشرت السحرة والمنجمين عن طالعك وعزموا الأرواح على هذه النية فطمأنوني وقالوا إن مستقبلك سعيد وإن شمشو يكون نصيبك مهما فتلته فاتلات الحب والغرام عن غيرك. فثقي بي. وسآخذك بعد ظهر هذا اليوم إلى التنزه لترويح النفس فكوني على أهبة.
أخذت ريماة ابنتها شميرام ومعهما ثلة من العبيد والجواري إلى التنزه إلا نتو فإنها تمارضت وبقيت في البيت. سارت ريماة وشميرام وأتباعهما في طرق بابل حتى وصلوا أسوار المدينة الداخلية ومروا من باب المدينة تحت طاق معقود وما عتموا أن اجتازوا
أسوارها الخارجية وجلسوا هناك على شاطئ الفرات وكان نسيم الصبا يلعب بالنفوس فيطربها ومما كان يزيد المشهد بهجة وسحراً أغاني السفافين وأصواتهم الرخيمة فمنهم من كان ينحدر في النهر بالمقاذيف ومنهم من كان يصعده بنشر الشرع أو بالجر بالحبال. وكان العركيون يصطادون البز والشبوط والبني وهم فرحون بمسرات الحياة الشظفة كان فيهم من يصيد بالشرك ومنهم بالصنارة. . . تشاهد هناك القفف وهي سفن مدورة مصنوعة من أغصان الشجر والخوص مطلية بالقار. و (الاكلاك) وهي سفن مؤلفة من قرب أو (أجواد) منفوخة يربط بعضها ببعض بحبال من ألياف النخل وفوقها خشب وهي تحمل البضاعات والغلات والفواكه اليابسة والرخام والصخر من