وبين الأسود الثلاثة أسد كبير الجثة، حي يزأر زئيراً يردد صداه فضاء بابل الواسع، وقد صاده الملك برمية قوس هدت شيئاً من قوته ثم صارعه صراعاً عظيماً، عرضت حياة الملك للخطر: فأتى إلى نجدته نفر من حاملي الرماح إلا أنه أنتهرهم شجاعة وأخذ من يد أحدهم الرمح وغرز نصل في قفا الأسد حتى شكه شكاً في الأرض وصرع الليث ثم أذن للجنود بالتقدم فأخذوا الأسد ووثقوه وقادوه إلى المعسكر وهم فرحون ببسالة ملكهم العظيم.
وعلى أثر هذا الفوز المبين والنصر الباهر قدم الملك تقدمة شكر إلى الآلهة، فوقف أمامه كاهنان وبيد كل منهما كنارة وهما متهيئان ليوقعا عليهما ترنيمة الشكر؛ ثم أتي بالأسد ووقف الملك مع حاشيته وبيده القوس فقدم إليه وزيره كأساً مترعة خمر مقدسة فذاقها ثم أفرغها على الصيد وللحال صدحت الموسيقى بترنيمة الشكر.
وكان هذا الفوز أحدوثة جميع الناس في المدن والقرى والدساكر والاندية،
مرت تلك الجموع فزحمت الطريق فضاقت بريماة فعطفت على طريق ثانية تخلصاً من هذا الازدحام. وبينما كانت سائرة أستوقف أنظارها وأنظار جماعتها السوق القائمة في أحد ميادين المدينة كانت تعرض فيها البنات للزواج؛ والسمسار يصيح بصوت جهوري واصفاً جمال هذه، وحسن تلك، ومعدداً حسنات الأخرى وأخلاقها وآدابها وتفننا في بيان مقومات الكياسة ما شاءت الفصاحة والبلاغة، فتارة يطرئ الجمال ومؤثراته في الحياة وسيادته على القلوب وما يولده فيها من الفرح والسرور وطوراً يفضل عليه الأخلاق الحميدة وجمال الآداب وما تورثه من السعادة في البيت بعد الزواج حسب البنت المعروضة في تلك السوق. ومن وقت لآخر كان ينادي معرفاً ثمن السياق (المهر) الذي يجب أ، يدفعه الشاب الراغب في تلك الابنة الجميلة أو البائنة التي تدفع عن الأخرى الدميمة الصورة للشاب الراغب في زواجها. وهناك رجل آخر يقبض مهر الجميلات ويدفع منه بائنة عن الدميمات
وقد اكتظت ساحة الميدان بالشبان الراغبين بالزواج وبالمتفرجين من جميع الطبقات وكان الشبان يطوفون على البنات وينظرون