للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤرخ للناس فيجب أن يقف موقف الحياد ما دام القلم في يده لتخرج صحيفته نقية لا يشوبها شيء من ألوان العواطف ولا سيما العواطف التي تنغمر فيها الحقائق كالغلو والإغراق فيحتاج متتبع الحقيقة في ذلك الكتاب أن يكشط طبقة ثخينة من حراشف المبالغات حتى يتوصل إلى اللباب ولا يكاد.

قد يكون الأثري معذوراً في حشر الألقاب الضخمة إلى ساحة أستاذه لأن ثروة الميت إذا نمت زادت ثروة الوارث! ولكن - كما يقول المثل العراقي - (ما ها الثخن)!. .

نشارك الأثري في تعظيم أستاذه ولا نبخسه حقه ولكن لساننا يتلجلج بالبيت الذي خاطب به أستاذه في مرثيته ص٢٠٨ وهو:

وأنت أنت الذي دانت لهيبته ... قبائل العرب إذواء واقيالا

على منوال قول الشاعر:

وأنت أنت الذي حطت له قدم ... في موضع يده الرحمن قد وضعا

ومعنى الإذواء والاقيال ملوك اليمن القدماء الذين انقرضوا قبل الإسلام ولم يبق في اليمن منهم باقية فهذا البيت لو لم ننظر إليه بعين العصر الحديث بل نظرنا إليه بعين العصور العريقة في الخرافات لما سلم من الانتقاد وذلك من خمسة وجوه:

(١) - كيف سلم لي شيخه صولجان هذه الهيبة الخارقة؟

(٢) - هبه كان مالكاً لهذا الصولجان المذهب ولكن كيف تأتي أن يهابه أناس لم يعاصروه بل خلقوا قبله بخمسة عشر قرناً؟!

(٣) - أي نكته في تخصيصه قبائل العرب دون غيرهم وما علاقة ذلك في البلاغة؟

(٤) - أي نكته في تخصيصه الإذواء والاقيال الذين هم ملوك جزء من العرب دون غيرهم وما علاقة ذلك بالبلاغة؟

(٥) - كيف استساغ احتكار هذه الهيبة الخارقة في شيخه؟ كما يشعر بذلك تكرار (أنت) كما يقول بعضنا لبعض: أنت أنت الذي فعلت ذلك أي لا غيرك وأنا أنا الذي فعلت ذلك أي لا غيري.

ولو صح الاعتذار لاعتذرت عن الشاعر بأن حضرته ممن تتصرف فيهم

<<  <  ج: ص:  >  >>