بعد أن سلمت عليهن أخذتها إحداهن إلى (الانتو) زخنتم وهي امرأة عجوز أرعشها الكبر وتقوست قناتها واشتعل رأسها شيبا درداء متغضنة الجلد قحلته. فأخذت شميرام تقص عليها حديث لشمشو وإعراضه عنها وتعلقه بغيرها من بنات بابل وطلبت منها أن تسخر علمها فتسأل الآلهة أن تأسر قلبه بحبها وتقصيه عن عشيقته الأخرى.
فأطرقت زخنتم طويلا وأخذت تتمتم ألفاظا سحرية كأنها تناجي الأرواح أو الإله ثم سألتها عن اسمها واسم عشيقها ويومي ولادتهما ورجعت إلى رقيم أخذته من رقم كانت بجانبها ورأت فيه بعض الخطوط وحساب ولادة القمر وقرانات النجوم والبروج وسمت الشمس ثم التفتت إلى شميرام وقالت لها:
حبيبك رجل عنيد، شديد المراس، ولكنه صريع العشق قد ساد حب غيرك على قلبه وليس من الهين نزع هذا الحب المستحكم في كل جوارحه. وسيلاقي من جرائك الأمرين وتلتف حواليه البلايا من يد سحرية قوية إلا انه لا يتوصل إلى الزواج من حبيبته، بل تموت كمدا والما ويبقى هو بلا زواج عهدا طويلا ثم يأخذك مسيرا بالأقدار غير مخير وتعيشين معه آمنة مطمئنة سعيدة حتى الموت.
صمتت زخنتم وأخذتها رعشة وغارت عيناها وهي تنفث وتزفر وقد زبد شدقها وانتفخت أوداجها ثم همدت تلك الوقدة منها وقبعت في جلدها وظلت شاخصة بنظرها كأنها تقرأ كتابة سحرية تخطها يد سحرية على لوح الأقدار ثم استأنفت تكهنها قائلة دون رغباتك بنيتي أسرار وعقبات وأهوال. ألم تشفع بك الآلهة وترأف بك تهدم آمالك ويضوي شبابك وتقصف أيامك. فاسترضي الآلهة بالنذر والقرابين. ثم اعزم لك واكتب رقية تعالي غدا تجديها مجهزة لأني اليوم قلقة البال حزينة للفاجعة التي نزلت بإحدى الحبيسات اللواتي ساقتها الأرواح الخبيثة إلى حانة فشربت مسكرا متخذا من عصير التمر مسكرا وآخر من الشعير ودفعت الثمن فضة عوضا عن أن تدفعه شعيرا فأنقصت البائعة سعر المسكر فحكم العدل على الحبيسة أن تحرق حية قصاصا لها على اجترائها على الدخول إلى الحانة وحكمت على البائعة، لقبولها الفضة عوض الشعير ولإنقاصها ثمن المسكر، بإلقائها