للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد أن اغتسلوا مما لحقهم من غبار الطريق وأكلوا هنيئا وشربوا مريئا استأنفوا السير فلاقوا في طريقهم قطعنا من الغنم والمعزى والبقر تسرح في المروج والحقول وشاهدوا مساكن الرعاة وهي خيام من شعر المعزى فكانوا يضربونها حيث يستريحون لانتجاع المراعي ويطوونها ويحملونها حين الظعن. ورأوا مساكن الفلاحين وهي من مدر. فنزل القفل على مقربة من تلك الجماعة وهي الرحلة الأولى من السفر.

وكان الرعاة يراقبون عن كثب قطعانهم ويزمرون لها.

كانت عيشة تلك الجماعة البدوية من الفلاحين والرعاة مشهدا من مشاهد الحياة الطبيعية الساذجة التي يصبو إليها سكان المدن من حين لأخر. فافتتن بها شمشو وتذكر أيام كانت أراضيه عامرة فشرع يجول في الحي ليسري عنه ما ألم به من الذكرى الموجعة وما اوجع ذكرى أيام الرخاء في الضيق!

فكان يلهي نفسه تارة بمشهد الحلابين والحلابات الذين يحلبون البقر والغنم وهم جاثمون

وراء تلك الحيوانات على الطريقة المألوفة عندهم يومئذ وطورا يقف عند الفلاحين الذين يخبزون أقراص الحنطة والشعير والذرة في تنور ويعدون طعام المساء في قدر كبيرة.

وبينما هو يجول قامت مشاجرة بين راع من الرعاة واحد الزراع لان الراعي ادخل قطيعه في المزرعة فاتلف شيئا غير يسير من القمح. فتسابا وتشاتما وتلا كما وتدخل في الأمر أصحاب المتخاصمين فكان فريق ينتصر لصاحبه وكادت فجوة الشر تتسع أولم يتوسط في إطفاء نار الفتنة بعض العقلاء والطاعنين في السن واتفقوا على أن يعقدوا لجنة تحكيم يرأسها شمشو الذي كان معروفا عندهم.

فاجتمعت تلك اللجنة حالا وحكم شمشو بان يعطي الراعي للزارع عشرين (جوار) من القمح لكل (جان) من الأرض ترعى غنمه فيها.

لها تلو

يوسف غنيمة

<<  <  ج: ص:  >  >>