الموطن مزيناً مثلما كان يرى في عهد تردد الغادة إليه ولا سيما أنها تتعهد فيه النظافة فوق مألوف العادة.
ومن جملة ما كان يذكر لهذه الابنة الصالحة في هذا المعبد إنها كانت طرزت ستراً ابيض بقى مدة طويلة حول دمية العذراء مريم الموضوعة على اليكل، وكانت أواني البلور الموضوعة على المذبح مملوءة أزهاراً وأوراداً وأنواع الرياحين، تقطفها بيديها الرخصتين على منعطف هضبات الناصرة بينما كانت ترنم بصوتها الشجي أنواع الترانيم العذبة، ونور القناديل الضئيل يخيل للسامعات أترابها إنهن يغردن معها تغريد الهزار، عند منبثق الأنوار. واغلب تلك الألحان الشجية كانت طلبة العذراء وسائر الأناشيد التي يدور موضوعها على محاسن العذراء مريم وفضائلها. وكان كل من سمع صوتها الزجل ويشاهد محاسنها الفتانة يندفع إلى أن يقول رغماً عنه ما سمع يقال عن سميتها العذراء الحسناء: يا نجم الصبح، ووردة سرية، ومرآة العدل، وهيكل الحكمة، ادعى لنا.
ونحن لا نريد أبداً أن نقيم مناسبة بين هذه الابنة الأبية، وبين سميتها العذراء النبية. فكلما نقوله هو من باب الخيال، بالنسبة إلى المثال. أو من باب الصورة إلى الحقيقة وهل من مناسبة بين ابنة خاملة الذكر فقيرة حقيرة وبين تلك البكر التي سحقت برجلها الطاهرة رأس الحية الجهنمية وأعادت مجد ابن آدم الساقط إلى سابق عزه، وسامق فخره. هل من مقابلة بين هي كالزهرة ابنة اليوم الذابلة الزائلة