وبين تلك الزهرة التي يضوع منها روح الحياة الخالدة. هل من مفاضلة بين غادة لا تعرف إلا في قرية وبين عذراء طبقت الدنيا شهرتها وردد اسمها الأقوام وارتفع عرشها في أعلى السماء. من هي مريم ابنة يوسف بالنسبة إلى مريم ابنة يواكيم. ابنة يوسف فقيرة حقيرة. وابنة يواكيم غنية ثرية. وعن كنز فضيلة كلتيهما أتكلم لا عن كنز الأموال الفانية. ابنة يواكيم رمزها القمر، لان القمر يسلى بأنواره الذهبية من يغوص في البحار الفكرية أو يغرق في لجج الأحزان المضنية، ابنة يواكيم رمزها الزهرة، ذلك النجم الذي يشع ضياء يجلو صدى القلب وينعش الفؤاد. ابنة يواكيم رمزها الشمس لأنها بنور هداها ومحياها تطرد ظلمات الضلال إلى حيث لا رجوع منه.
نعم وان لم يكن مناسبة بين الزهرتين الزاهرتين، إلا أننا نقول انه يوجد بعض الشبه بينهما: فابنة يوسف ولدت كما ولدت مريم العذراء في وادي الناصرة. وكانت تقضي أيامها كالبتول الأم في البيع والكنائس متذكرة في عملها هذا تلك التي قد تسمت باسمها الكريم العظيم. - أن ذوق ابنة يوسف وأشغالها وعوائدها تنظر إلى مثل تلك الأعمال التي كانت تأتيها ابنة يواكيم. هذا فضلاً عن إن جمال هذه الابنة وسناءها وبهاءها وخفرها يذكرنا محاسن تلك البتول التي قيل عنها: إنها بهية تبهر الأعين والتي قال عنها القديس ديونيسيوس الاريوباجي: إنني لولا علمي انه لا يوجد إلا اله واحد لسجدت للعذراء سجودي لمعبودة.