للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البيت على ميل ونصف. وقال السهيلي: على فرسخ وثلث، عليه سقيفة آل زياد ابن عبد الله الحارثي وكان عاملا على مكة في أيام السفاح وبعض أيام المنصور وقال الأصمعي: الحجون هو الجبل

الشريف الذي بحذاء مسجد البيعة على شعب الجزارين. (بحرفه عن معجم ياقوت).

وإذا سألنا اللغويين عن سبب هذه التسمية قالوا لنا: الحجون مشتقة من الحجن وهو الاعوجاج، ومنه غزوة حجون التي يظهر فيها الغازي الغزو إلى موضع ثم يخالف إلى غيره وقيل هي البعيدة، قال ابن الأثير: الحجون. الجبل المشرف مما يلي شعب الجزارين بمكة، وقيل هو موضع بمكة فيه اعوجاج، قال: والمشهور الأول، فقوله والمشهور الأول يعني أن هذا التأويل هو في غير محله إذ هناك من الأسباب ما نجهل تأويله. فالقول إذن أن الحجون مأخوذ من معنى الاعوجاج لا صحة له.

وعندنا أن الرأي الصحيح هو أن الحجون مأخوذ من الحجنة والحجنة على ما نقله لنا اللغويون هو اسم مصدر لاحتجن واحتجان الشيء جمعه وضمه إليك (راجع اللسان والقاموس والتاج والأساس وابن فارس في المقاييس والليث في العين) فيكون للحجون معنيان: معنى يتعلق به وبطبيعته أي أنه سمي حجون لاجتماع مواده بعضها إلى بعض. ومعنى يتعلق بمن يصير إليه أي أن عند هذا الجبل يجتمع الناس ومثل مادة ح ج ن م فهي تدل على الاجتماع والانضمام. ولما كان رأينا أن أصل مادة كل فعل ثلاثي الحروف ثنائي الحروف كان أصل ح ج ن: ح ج (باصطلاح اللغويين أو الصرفيين ح ج ج) ومنه الحج أي الاجتماع لغاية دينية. وليس كما يقال بعض المستشرقين أن الحج مشتق من اليونانية ومعناه القديس والمنزه عن الدنايا والصالح البار، إنما هو من الحج كما قلنا أي من معنى الاجتماع.

أما أن معنى الحجون هو الجبل الذي يجتمع عليه الناس، أو ينضم عنده الناس إلى بعض فتره محفوظا صريحا في الكتب اليونانية؛ إلا أن هذا المعنى لم يجئ عندهم إلا بعد أن تنقلت اللفظة من حالة إلى حالة فتبعتها المعاني وتدرجت معها كلما أوغلت الأمة في الحضارة، وما من لغة تدلنا على هذا الإمعان

<<  <  ج: ص:  >  >>