للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في المعاني مثل هذه اللغة الهلنية (اليونانية) التي حفظت لنا هذا التدرج أو التخطي فيه ونحن نذكر للقارئ كل ذلك حسب وروده في القدم إلى أن أنتقل المعنى إلى القرار الأخير فوقف عنه، ونقابل كل معنى جديد بما يؤول في لغتنا الضادية فتكون هذه المعارضة مثالا لمئات من الكلمات أتت على هذا الوجه. ويمكننا أن نخرجها على هذا الأسلوب اللغوي.

٣ - أول معان الحجون

أول ما جاء عندهم لفظ الحجون كان بمعنى المجتمع والمحتشد وهذا يناسبه عندنا اللفظ العربي نفسه كما أوضحناه في صدر هذا المقال؛ ثم نقله الهلنيون إلى معنى مجتمع الآلهة أو المجتمع تماثيل الآلهة، فيكون معناه في الوقت عينه موطن يجتمع فيه الشعب للدعاء والصلاة ويكون ذلك أمام هيكل الإله؛ ثم توسعوا في معناه، وأرادوا به المجتمع أيا كان، أي محل اجتماع الناس لأي غاية كانت، فصدق عندهم على عليين أي محل في الالنبس تجتمع فيه الآلهة وصدق أيضاً على المكلا (وزان المعظم) وهو المحل الذي تقف فيه السفن.

أما لغتنا فأننا لم نجد السلف ذكروا للحجون هذا المعنى لأسباب: منها لأنهم أزالوا عن اللغة كل لفظ أو معنى يدل على تحبيب الوثنية، لكننا نرى أن هذا المعنى كان معروفا عندهم وأن يصرحوا به تصريحا بينا وذلك من سماعنا إياهم يقولون أن عند الحجون كانت مدافن المكيين في سابق العهد. وأنت خبير أن المدافن كانت منذ اقدم الناس بالحضارة في المواطن المقدسة، بل نشاهد هذا الأمر إلى عهدنا هذا؛ ولم يبطل في بعض المدن إلا في العهد الحديث خوفا على صحة الناس، إذ قد يمكن أن تظهر بعض الأمراض الوافدة من كشف المقابر وانتشار الجراثيم المضرة الموجودة في بقايا الأموات بين الأحياء من الخلق.

إذن أننا نرى في الحجون معبدا لآلهة وثني العرب ومحل اجتماعاتهم ثم بعد ذلك أصبح مدفنا لموتاهم، وهذا أمر معقول لا ينافي معتقد أي دين كان.

٤ - المعنى الثاني للحجون

ما ذكرناه من معنى اللفظة (لفظة الحجون) عند اليونان هو معناه الأول مع عدة فروع تفرعت منه؛ ثم وقع معنى ثان آخر مع فروع أخرى، وهو أن لحجون يفيد عندهم معنى المجتمع للألعاب العامة. وهذا المعنى غير خفي عن

<<  <  ج: ص:  >  >>