للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البصرة القديمة. والبصرة الحالية قائمة على نهر الابلة يسمونه اليوم نهر العشار. قال القزويني في عجائب المخلوقات: (الابلة): جانبان شرقي وغربي طوله أربعة فراسخ. أما الشرقي فيعرف بشاطئ عثمان، وهو العامر الآن: وأما الغربي فخراب غير أن فيه مشهدا يعرف بمشهد

(العشار) مشرف على دجلة وهو موضع شريف قد اشتهر بين الناس. أهـ.

فيمكن أن يكون بهذه المناسبة أبدل أسم الابلة بالعشار، ولا صحة لما يقولون إنه سمي كذلك لاجتماع العشارين على صدره لأخذ الأعشار من السفن والمارة. وقد كانت البصرة القديمة على نهر الاجانة الذي حفره أبو موسى؛ ويظهر أن البصرة كانت في سباخ من الأرض تبعد عن الماء ثلاثة فراسخ ويظهر أن الماء كان حولها بشكل بطيحة ولم يكن نهرا فقد ذكروا أن دجلة العوراء كانت تكون خورا واسعا فيما يلي البصرة وكانت العرب في الجاهلية تسمي هذا الخور بالاجانة وسمته العرب في الإسلام بالجزاز وقيل في موضع آخر أن ماء دجلة كان ينتهي إلى فوهة (الجوبرة) فيستنقع هناك ويكون مثل البركة الواسعة وكانت فيه اجاجين وانقرة ولذلك سمي النهر الذي جذبه منه أبو موسى نهر الاجانة.

وكل تاريخ البصرة حوادث وفتن ونهب وانتزاع وأول وقائعها الحربية واقعة الجمل سنة ٣٦ هجرية وآخر وقائعها واقعة الإنكليز والأتراك سنة ١٣٣٣هـ وما بين هذين التأريخين فتن وحروب وقلاقل مستمرة لم تسترح منها حتى مدة نصف قرن فأوقع فيها صاحب الزنج وأوقع فيها القرامطة وأوقع فيها الخوارج وأوقع فيها الموالي وأوقع فيها الوهابيون وتصارع عليها الولاة والأمراء وتنازعها الملوك من الفرس والعرب والديلم والمغول والأتراك ودخلت البصرة في طاعة العثمانيين سنة ٩٥١هـ وذلك حين قدم العراق السلطان سليمان وكانت البصرة تابعة للفرس وكان واليها يومئذ راشد وهو زعيم كبير من زعماء قبائل البصرة فشخص راشد إلى بغداد وقدم إلى السلطان العثماني إحتراماته وخضوعه إلا إنه لم يكن فعله إلا في الظاهر وكان يقصد بعمله هذا الاستئثار بالبصرة عندما يتردد أمرها بين الفرس والأتراك ولما أدرك العثمانيون طوية

<<  <  ج: ص:  >  >>