للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقين التراب والرماد على هاماتهن ولطمن الخدود بالأيدي وخمشنها بالأظافير. واشترك بهذا المأتم العبيد والعبدات ثم أتت الجارات وانضممن إلى المحفل.

اشتغل الأهل والأقرباء والجارات بالمراثي واللطم وعهدوا بجثة حترآ. إلى نساء دأبهن تجهيز الموتى والسهر على أجسامهم قبل الدفن. فدهنها بزيت معطر والبسنها اجمل ثيابها وأفخرها وزينها بالحل الغالية الثمينة. ووضعن قرطي ذهب في أذنيها وقلادة نفيسة في عنقها هي خرز من العقيق واللازورد والذهب منظومة في سلك، وأساور في معصميها وخواتم وحلقات في أصابعها وحجلين في رجليها ومشطا من ذهب في شعرها وحمرن وجنتيها بالحمرة ودهنها بالدهون وصبغن أهدابها وأطراف عينيها بالزرقة. ثم أضجعنها على فراش وثير وأطبقن ذراعيها على صدرها. ثم نصبن مذبحا عند رأسها لقرابين الماء والبخور والحلويات وأخفين تمثالين الواحد عن رأسها والآخر عند قدميها يمثل أحدهما

صورة (ايا) والآخر شبيها (بأيا) وعلى كل منهما جلد سمكة. وقد مدا أيديهما على جثة حترآ، ووضعن ثلاثة تماثيل أخرى في غرفة المائتة أحدهما بصورة إنسان والاثنان الآخران رأسهما رأس أسد وجسدهما جسد إنسان.

والغاية من هذه التماثيل منع الأرواح الخبيثة من دخول غرفة الميتة وتقمصها بصورة عفريت يمتص بعدئذ دم الأحياء.

وتوضع كذلك تماثيل الآلهة فوق سطح البيت لمنع تلك الأرواح الشريرة من الهبوط من السقف.

وتقام الصلوات والأدعية استدعاء للأرواح الصالحة للسهر على جثة المتوفاة.

اهتم بعض أقاربها بانتقاء تربة شريفة يودعونها جثمانها، فمنهم من ارتأى نقله إلى اورك. تلك المدينة المقدسة في جنوبي بابل التي تنقل إلى مقابرهم أجسام الموتى من جميع المدن البابلية

للتبرك بقداسة ثراها لأنها مدينة العلم والدين

<<  <  ج: ص:  >  >>