للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والكهنة والملوك.

ومنهم من ارتأى دفنها في مقبرة البيت القديمة في دار السكنى عينها حيث قبر بعض أجدادها في زمان كان البابليون يدفنون موتاهم في بيوتهم.

إلا أن أباها لم يوافق على الرأيين بل رغب في دفنها في المدفن الذي قبرت فيه أمها لتكون إلى جانب تلك التي حنت عليها في صغرها.

حملوا الجنازة من بيتها بين النوح والبكاء واللطم تتقدمها النائحات والعازفات ويتبعها جوق منهما وكان معها أهلها وأصدقاؤهم ومعارفهم مرتدين ثياب الحداد من نسيج غليظ كمد ليس فيه ثنايا ولا طيات بل يشبه كيسا. أخذوها إلى إحدى المقابر في ضواحي المدينة ووضعوها في تابوت على هيئة حب وهو متخذ من الطين المشوي من قطعتين. وإحدى القطعتين هي غطاء الحب. ولحموا القطعتين بالقار وفي طرف الحب أو التابوت ثقب صغير تخرج منه الروائح التي تنبعث من الجثة عند انحلالها.

وكانت توضع الجثة في التابوت وضعا يوافق معتقداتهم الدينية فالقوا الرأس على آجرة لفوها بقطعة مطرزة من النسيج وفيها أهداب ذهبية. وتركوا التابوت في مشكاة معقودة في جدار القبر وجعلوا في القبر حلاها وأدوات الزينة وعلب الحمرة والخضاب وأصباغ الوجه

وأواني العطر وأقداحا وأكوابا وبعض أمتعة البيت وشيئا من الطعام الذي كانت مولعة به في حياتها وتمرا وجرة ماء وأزهار ومسرجة. وبعض تماثيل ونقوش محفورة على حجر وصخر وعلى قطع صغيرة من البلور الصخري والجزع واليصب وحجر الحية وحجر الدم والعقيق والبلور، فكانت هذه الأمور تقدمات خالدة للآلهة تفوق التقدمات البالية منزلة وقدرا أو تعاويذ تصد الأرواح الشريرة عن أذى الراقد أو الراقدة.

رجع المشيعون واخذ بعضهم يتحدث عن سرعة زوال الحياة وعن انتقال تلك الشابة الحسناء إلى (الأرض التي لا دعوة منها) إلى (قعر الظلمة) إلى (دار البلى) إلى (مملكة الأموات العظيمة) التي تسود فيها (اللات) ملكة الموتى، إلى ال (ارلو)

<<  <  ج: ص:  >  >>