للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأمرين كان عدمه أحسن من وجوده يا أيها المتنعم المدله لا تغتر بهذه الدنيا إذ من المحال الخلود في هذه المرحلة (الحياة).

ولما أتم إنشاد القصيدة، رميت له قرانا آخر وقلت له:

شعر عربي ازبر داريد؟ يك قصيدة عربي بخوان - أي: أتستظهر شعرا عربيا. اتل قصيدة عربية. أجابني قائلا: بيرشي.

ثم قال بلي قربان ازبر دارم أي نعم عزيزي أني استظهر ذلك فانطلق ينشد كالقيثارة النائحة قصيدة:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ... حتى جاء على آخرها

وقد أحدث في ثورة من ثورات المغرم حين يهزه الوجد فقلت له: شام نميخواهي آيا كرسنه نيسي (أي إلا تريد أن تتعشى)؟ الست جوعان؟ فسكت فعلمت إنه جوعان فصرخت على الخادمة وقلت لها أن تفتح الباب ففتحته له فصعد إليّ ودخل متأدبا وحياني قائلا: سلام عليكم.

عليكم السلام بفرما آغاي مرشد فجيء له بالطعام، فأكل بتؤدة ثم غسل يديه، وشكر الله، ودخن دخينة (سيكارة) قدمتها إليه وكان ينظر إليّ أثناء تدخينه إياها نظرة الخائف الوجل وابتدرني سائلا: جناب عالي مأمور دولتي؟ أي أجنابكم موظف حكومة؟ قلت له نعم. ثم

طلبت إليه أن ينشدني شيئا من الشعر العربي والفارسي. وأخذت اليراعة والقرطاس لأدون ما ينشدني فترنم بالأبيات الفارسية الآتية وقد ضبطتها من فمه:

آن ياركه بي وفا است دشمن به ازوست ... وآن نقرة كم بهاست آهن به أزوسث

هركس كه نمك خورد نمكدان شكند ... در مذهب رندان جهان سكك به أز وست

أي: العدو أحسن من حبيب أو صديق لا وفاء له. والحديد أحسن من فضة لا قيمة لها. ومن أكل الملح وكسر المملحة فالكلب اشرف منه بمقتضى مذهب العقلاء الحكماء في الحياة.

<<  <  ج: ص:  >  >>