للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يشير إلى إنه أكل من نعمتي وهي نكتة أديب واستشهاد أريب ثم أنشدني قصائد لحافظ الشيرازي وخاقاني ومنوجهري وغيرهم من شعراء الفرس.

ثم قرا لي بيتين بلكنة أعجمية وهما:

انبتت سبابتكم ... غرحة على كبدي

بت من تفجئكم ... كالأسير في السفد

أي:

انبتت صبابتكم ... قرحة على كبدي

بت من تفجعكم ... كالأسير في الصفد

ثم انقطع عن النشيد فسألته عن اسمه وعن أسم بلده. فقال اسمي أبو القاسم ولقبي (بي بروا) وبلدي (شيراز) فقلت له: متى صرت درويشا؟ ولماذا فضلت هذه الحياة؟ وماذا كانت مهنتك وعملك قبل أن تكون درويشا؟ فلم يجبني بشيء فألححت عليه كثيرا، وكررت عليه السؤال. فقال لي (عشق است) أي - العشق - إلا أنني لم اقنع بهذا الجواب وكررت عليه السؤال وطلبت إليه بإلحاح أن يجيبني فقام على قدميه وقال متأدبا: آغا خيلي دير كردم أن شاء الله وقت ديكر خواهم كفت أي سيدي أني تأخرت وسأحدثك أن شاء الله في وقت آخر فدعوته إلى أن يأتيني في الليلة الثانية فودعني وانصرف. وانصرفت عني كل همومي وكانت الساعة الخامسة تماما.

أبو القاسم بي بروا

كان الدرويش بي بروا شيخا قد اجتاز الكهولة، ربعة، أشقر اللون، ازرق العينين، ذا وجه

مستديرا، أحدثت فيه الآلام غضونا، وأورثت فيه تجعدا ذا لحية طويلة صفراء وخطها المشيب، ذا شعر طويل كشعر النساء لهزه البياض.

أما ثيابه فلم تكن أسمالا اخلاقا، وكانت نظيفة وهي عبارة عن قلنسوة طويلة (كلاه) من اللبد الأصفر، مشدود في وسطها حزمة من خيوط دمقسية طويلة قد اختلطت بشعره، عليه قميص من الصوف فوقه جلد معز طويل وجراب طويل وقدوم ثمينة مزخرفة بنقوش وأبيات فارسية وعلى ظهره كشكول.

تدل ملامحه وحركاته على إنه لم يكن من أولئك السفلة الشحاذين، ثم بدا

<<  <  ج: ص:  >  >>