للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لي أن أدون بعد هذا اليوم، ما يقع لي من أمر هذا الدرويش وما يتعلق به فكتبت يومئذ في مذكرتي ما أعيد صورته إلى القارئ.

طلعت شمس اليوم العاشر من تشرين الثاني سنة ١٩١٩ فذهبت إلى المدرسة وقمت بواجباتي وخرجت منها من الساعة الحادية عشرة غروبية وذهبت توا إلى بيتي فانتظرت الدرويش إلى الساعة الخامسة عربية فلم يأتني ثم يئست من مجيئه ولما أعياني السهر نمت.

١١ تشرين الثاني

خرجت من بيتي عند انبلاج الفجر وتجولت في الحضرة الحسينية والعباسية لعلي أجد الدرويش فلم أره ثم ذهبت إلى الخيمكاه وهو مأوى أكثر الدراويش الفقراء فلم أصادفه، فذهبت إلى المدرسة وأرسلت خادم المدرسة (حمزة) ليفتش عنه فجاءني بعد بضع ساعات وقد طاف في المدينة فلم يلاقه.

صرفت التلامذة في الوقت المعين وخرجت إلى الحضرة الحسينية حين طفول الشمس ولما دخلت الصحن من باب القبلة رن في مسمعي صوت الدرويش فأسرعت إليه فوجدته قد رفع قدومه على كتفه ووضع كشكوله على مرمر الصحن ووقف حاسر الرأس منشدا شعرا في مدح الحسين الشهيد (عليه السلام) وقد اجتمع حوله الناس على شكل دائرة رجالا ونساء وشبانا وهم بين باك ومتباك وقد ملئوا كشكوله من كل ما شاءوا.

ووقفت أمام الدرويش (بي بروا) ولما وقع بصره علي امتقع لونه وتجلجل، فخرقت الصف ورميت له ربية واحدة في كشكوله ولما أتم نشيده دعا للحاضرين بالخير والبركة وطول

العمر على عادة الدراويش ثم قرا الفاتحة ورفع كشكوله من الأرض وانصرف موليا وجهه شطر السوق من غير أن يلتفت إليّ فتقصصت أثره ثم تعرضت له في السوق وسلمت عليه قائلا بلهجة المعاتب:

أي مرشد بكجا تشريف ميبريد؟ (إلى أين تذهبون أيها المرشد؟ فوقف الدرويش وقفة المتحير في أمره فعلمت في تلك اللحظة القصيرة إنه ارتاب مني

<<  <  ج: ص:  >  >>