للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من النادمين المنكوبين بل ويح الذي يماس (ع. ن) نفسه مماسة فيها خشونة فإنه يعرض نفسه لرجل كالصاعقة في انقضاضه وكالليث في غضبه وكالمستبسل المستميت في كفاحه. ولكثرة تخوف الناس إياه وتحاشيهم عن بأسه زاد سطوة وهيمنة، وشهرة حتى سموه (غضب الله).

أما الأسرة فأنها كانت قانعة بعيشها مطمئنة في أفكارها هادئة في حياتها وكان ذانك الأخوان همامين دائبين في زراعتهما راضين بعيشة الاجتهاد والكدح؛ بل قدوة حسنة للذين يعملون عملهما وينافسونهما. وما أحلى الاشتغال بحرية بين المزارع والبساتين والجداول والخمائل بقلوب متعاضدة مؤلفة وأجسام نشيطة وهمم عالية ونفوس مطمئنة.

والذي يقرأ صحيفة حياة الأسرة المذكورة يجد عنوانها (السعادة) وشرح السعادة غني عن التفسير (ورب موضوع فسره عنوانه)، ولما توفيت والدتهم التي كانت حنونا عليهم وقطبا لتحابهم وتعاونهم وإئتلافهم أمسوا بعدها مستعدين للشر معدين له (قرع الظنابيب) ما خلا أباهم فإنه كان عاقلا وديعا لكنه لم يعرف كيف ينهج مهيع التأديب والتهذيب. لذلك لم يقدر على إرواء أولاده من مورد الأدب الكامل والتربية الصالحة فانهم كانوا عطاشا بل هيما لا متعطشين.

بينما كان الآخر الكبير (ع. ن) يرقص أبنه ذات يوم إذ نشب في البيت شجار أو حوار ثم مشاحنة دفعته إلى سب والدته المتوفاة أمام أخيه الشاب فأمتلئ هذا غيظا وحنقا عليه وقال له:

ويلك يا هذا كيف استبحت سب والدتنا التقية البارة ومعاملتنا بغلظة فظاظة؟

أجابه:

أسبها ولا أبالي من أنت يا أيها النذل الرذل حتى تقابلني بهذا الاعتراض والامتعاض؟

ثم هجم عليه ليضربه فراغ عنه هذا وصعد إلى سطح منزلهم هلعا حنقا ثم تجاوزه وانحدر إلى بيت أخته (ع. هـ) المتبعلة وكان قريبا فتناول بندقية كان يعرف مناطها ثم غذ أو أسرع إلى سطح منزلهم أيضاً متوعدا أخاه متهددا إياه بقوله:

أأنت تريد أن تضربني. اغرب عني يا لئيم يا رعديد وإلا رشقتك بقذيفة تعدمك

<<  <  ج: ص:  >  >>