للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحياة فتسكنك القبور.

قال الكبير: من هو اللئيم والرعديد يا جبان. قف لي أن كنت صادقا فسوف أريك الحقيقة. واندفع نحوه صادعا إلى السطح ليفتك به ولكن (ي. ن) هرب من بين يديه بجأش مضطرب وإنذعار شديد. فقد كان لا يطيق الوقوف أمام أخيه الكبير وقوف المخاصم بل المناضل فضلا عن أن عمره لم يتجاوز الثامنة عشرة.

لتلك الأسباب نمت بينهما العداوة وأثمرت وبالا وشقاء. فإن عنوان حياة الأسرة قد تبدل بعنوان (الشقاء) وحملت القلوب أحمال الإحن والضغائن وأمست تنوء بها مهتبلة فرصة تتبدد فيها ويكون ذلك التبدد فاروقا وفيصلا. يفرق أو يفصل بين هذين الأخوين بالعاقبة الوخيمة والمغبة السقيمة. والذي زاد الشنئان أضعافا مضاعفة هو أن أختهما الكبيرة (ع. هـ) وزوجها (ح. ن) كانا يشنئان ذلك الأخ الكبير لكونه شديدا في معاملتهما مفتئتا بحريتهما. مضت على تلك المشادة أيام وهنالك من يضرم سعير العداوة بين الأخوين إضراما مستمرا والذين لا يضرمون غافلون عن تدارك الخطر القريب الوقوع. أما (ي. ن) فإنه هجر أهله وانقطع إلى الأقرباء والبساتين بيد إنه كان يختلف إلى بيت أخته (ع. هـ) فيستفهمها أخبار أخيه ونيته نحوه فلا يسمع منها إلا ما يقلقه ويهوله. بعينها في ذلك (حليلها) فقد كانا يقولان له: (إن أخاك متسلح ببندقية يبحث عنك في مآويك ويسأل عنك الناس فلئن ألفاك ليقتلنك فأحذره).

دخل أخوه مرة عليه وهو في بيت أخته المذكورة فأخفته في حجرة فيها بندقية حتى إذا أراد به أخوه شرا دافع عن نفسه. ولكن (ع. ن) لما سألها عن أخيها الصغير أنكرت وجوده عندها لأمر في نفسها أن تعظم الخلاف بينهما فلا يتفقا بعد أن افترقا. ولو أخبرته بوجوده فلربما صالحه وهادنه.

أما الأخ الصغير فإنه عزم عزما صادقا على اغتيال أخيه لينجو من شره الذي صوره له النمامون وظل يهتبل الفرص للفتك به حتى مر به مغربا وهو كامن له ممسك بندقية فوجهها نحوه وجر زندها فثارت وأصابت قذيفتها بطن أخيه

<<  <  ج: ص:  >  >>