للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب الديارات

في الجزء الأول من مسالك الأبصار لابن فضل الله العمري، تحقيق الأستاذ أحمد زكي باشا.

ذكر ابن خلكان في ترجمة الشابشتي مصنف كتاب الديارات المشهور أن في هذه الديارات تآليف كثيرة (وفيات الأعيان ص ٤٢٦)، ومن الأسف إنه لم يجل في خاطره أن يعدد لنا أسماءها. وقد تتبعتها في جميع المخطوطات والمطبوعات في التراجم والتاريخ والأدب التي تسنى لي الوقوف عليها في دور الكتب، فلم اهتد إلى أكثر من ستة منها فقط. ولاشك أن شهاب الدين العمري وقف على معظمها حين افرد في كتابه مسالك الأبصار الذي أبقاه لنا ذخرا من أنفس الآثار هذا الفصل، الجامع بين الجد والظرف، والمجون والهزل. وقد نقل فيه مرارا عبارات من تقدمه من مؤرخي الديارات، كأبي الفرج الاصبهاني،

والشابشتي، والخالدي. ولم يقتصر فقط على تلخيص أقوالهم بل أضاف إلى صفحاتهم صفحات أخرى لا تقل عنها جزالة وتأنقا وجودة اختيار للنكتة والنادرة، دون فيها أخبار الديارات التي عرفها أو مر بها في الشام وفلسطين فأتم بذلك ما كان ناقصا، وأعاض عن بعض ما كان ضائعا.

ومعلوم أن أكثر هذه التأليف التي أشار إليها ابن خلكان قد اغتالته أيدي النوائب والضياع ولم يسلم من كل تلك الاعلاق والنفائس إلا عقد فريد أو هي الدهر نظامه، ونثر بعض درره، وهو كتاب الديارات للشابشتي الذي انتهى إلى خزانة برلين بعد أن سقط منه قسم من أوله، وأوراق في أثنائه، ذهبت بذهابها خصوصا أخبار ديارات الشام برمتها، ولم يخلص منها إلا ذكر دير البخت فقط على قلة ما فيه. وقد اشتهر هذا الكتاب وسار ذكره في الأندية والمجالس حتى قل من تناول ذكر الديارات بعده، دون أن يستعير منه شيئا. وهذا ياقوت الرومي على وفرة علمه وسعة محفوظة لم ير بدا من الاستعانة به

<<  <  ج: ص:  >  >>