للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص ٣٧٥) وقال فيه.

أقمار ترك فوق شهب الخيل ... وبينها أدهم مثل الليل

وهذا لم يكن ثم أقل بياض في المتن فيتحتم أن تكون كلمة الترك بفتح فسكون جمع تركة وهي بيضة الحديد والخوذة وفي ذلك ما لا يخفى من التوفيق الهنيء المريء بين رأي الأستاذ في السلاح وبين صحة المتن دون تغيير ولا تبديل.

وقد بقيت هنالك هنات وهفوات لا يسلم من مثلها كتاب مطبوع كقوله (ص ٣٥٢) مما مدح به السيد الرضي لعمر بن عبد العزيز بدلا من (عمر بن عبد العزيز) و (ص ٣٥٨) دير شق معلولا بها صدع فيه ماء ينقط بدلا من (به) لأن الصدع في الدير وليس في القرية. وكتابته في (ص ٣٧٥) ثم ينقضي بدلا من (لم ينقض). واقتراحه في باب التصويبات (ص ١٠) إبدال (بؤس العتاب) بدعوى أن العتاب بين الحبيبين المتقاطعين المتهاجرين لا بؤس فيه (ببؤس الغياب) في بيتي دير حزقيال:

رب ليل أمه من نفس العا ... شق طولا قطعته بانتحاب

ونعيم يوصل من كنت أهوى ... قد تبدلته ببؤس العتاب

وقد جاء (بؤس العتاب) في غير العمري أيضاً كياقوت (ج ٢ ص ٦٥٤) وإنما أراد الشاعر مقابلة نعيم الوصل ببؤس الهجر فوضع لضرورة القافية العتاب موضع الهجر لأنهما متلازمان.

ومثل ذلك اختباره وضع (إحياء) في موضع (أخبار) من بيت دير يونس:

يعلك منها برهة بعد برهة ... سحاب بأخبار الرياض كفيل

قال على أن السحاب لا يتكفل إلا (بإحياء) الرياض لا (بأخبارها) (ص ١٥) وفاته أن (الأخبار) هنا تكون جمع (خبر) بفتح فسكون. ومن معانيه (الزرع) فلا حاجة إذن إلى تكلف تغيير فيه.

وهلم جرا من أمثال هذه التصحيحات التي يجد الناظر فيها موضعا للقول والمراجعة دون أن يضع ذلك من قدر فوائدها أو يغض شيئا من مزايا هذه الطبعة الفريدة التي بلغت شأوا بعيدا في الإتقان والافتنان والتمثيل البديع وزهت برونقها وشارتها حتى إذا أنكرنا عليها إساءة واحدة جاءت محاسنها بألف شفيع.

افالون (فرنسة): حبيب الزيات

<<  <  ج: ص:  >  >>